شبكة سورية الحدث


بين ثقافة الجبل والساحل ومنطقة السحل صداقة وانتماء

لسويداء- معين حمد العماطوري لم أشأ أن أذهب إلى محافظة طرطوس منطقة /صافيتا/ طيلة سنوات الأزمة التي ألمت بالبلاد رغم تأكيد الصديق الوفي الأديب الذي يعتبر رئد التجريب في الشعر والقصة عضو اتحاد الكتاب العرب أنه الروائي والقاص والشاعر غانم بو حمود، مذ عرفته استمعت إلى صوت من بعيد غابر يحمل في عصاه بين سهوله حكايات الأصالة والمجد وانتماء الوطن الجميل، حثني كثيرا إلى زيارة "صافيتا" رغم ما لي بها من ذكريات ماضية عديدة مع صحب أعتز بهم كاعتزاز قاسيون بدمشق الفيحاء، ولكن لماذا هذه الرحلة كانت مميزة ؟ربما تميزت لأني برفقة جناحي القلب مانحي لي دم القوة والإرادة والمحبة والوفاء وهما الصديقين الكريمين /عادل الحكيم الوجه الاجتماعي والكريم الصامت والوفي الساكن في خلجات القلوب، والباعث في حضوره رائحة الجبل الأصيل بكرم مضافاته وأصالة أهله ونقاء فضاءه وابتسامة زهوره الشافقة عطر دائم، الصديق الشاعر /أنيس ناصر/ بصوته واداء شعره تشعر أنك أمام شاعر يبحث عن مفردات جمله وتعابيره وصوره في بحار عميقة، وينشد الحضور المنبري بثقة واقتدار حاملاً مع صوته أهازيج النشاما وحداء الأبطال، وتاريخ الفداء الغابر بين الماضي والحاضر...كانت رحلة من سويداء القلب إلى دمشق الفيحاء إلى النبك وقراها السامية إلى صافيتا جنة الأرض السورية بمناخها ومناظرها الخلابة، لم نشعر إلا بوحدتنا المتكاملة ...ولم تزعجنا رائحة البارود الحاملة الغش والخبث والإرهاب، لكن الجشن والحزن اكتنف بواطن خلجات روحنا لما حدث بوطني الجريح من أعمال إرهابية، فهذا الشعب السوري الطيب الذي لا يستحق إلى العيش الكريم والكرامة عاش تحت وطأة ظلم الإرهاب التطرفي البغيض الممول من أعداء الخير والسلام، وبفضل عقل العقلاء وزنود وسواعد الجيش السوري البطل وحكمة القيادة الوطنية السياسية لسيد الوطن عاد الامن والآمان الى العديد من البلدان والمدن والمناطق ... ما ان وصلنا الى "صافيتا" الا وكان ايقونة الشعر ونبراس الكرامة في استقبالنا الاخ الغالي "ابا علي غانم بو حمود" الشاعر المهيب، نازلين ضيوفا في منزله وبين أسرته الكريمة، كان لقاء حميمياً حينما شعرت أن عليّاً الشاب الطموح بات على مشارف الدكتوراه في القانون واولاده الاربعة يبتسمون للحياة بتربية الواثق من الانتماء للوطن والاهل، والاخت ام علي المرأة الدمشقية المميزة بكرمها وخلقها وإصرارها على إكرام كل زائر منزل زوجها وضعت مائدة الطعام الشهي ولم تبطل عبارات الترحيب....انتقلنا الى مكان الاستراحة لنقوم برحلة استكشافية لأهم معالم "صافيتا" من وحدة المتكاملة بين الصليب والهلال والاهم البرج الجامع بينهما ووقفنا امام معالم التاريخ من كنيسة وبيوت ومنازل عمرتها حجارة البرج التاريخية ومشينا فوق أحجار الطرق القديمة وانتابنا الالم ان الحضارة السورية والاوابد التاريخية اينما تذهب تجدها في سورية...ولعمري ان صداقة الانتماء للوطن الجميل شكلت حافزاً في الخلق والابداع والدفاع عن الارض والعرض حينما كانوا يقفون على الحواجز بعض عناصر نسور الله وأبطال الجيش والعناصر الامنية من أبناء الوطن مرحبين بنا ونحن قادمون من السويداء من عرين سلطان باشا الاطرش ودماء الشهداء واسد نافذ الله اللواء الشهيد عصام زهر الدين ونخوة بني معروف وزغاريد النسوة بفرح عودة المخطوفين وهم يهنئنوننا بعودتهم في كل حاجز، حقا شعور الاسرة السورية الواحدة...وحين دخلت الى قاعة المركز الثقافي العربي بصافيتا بغية إلقاء محاضرة بعنوان /التمرد الفني عند الموسيقار الخالد فريد الأطرش/ شعرت باستقبال جديد من أخوة لم آراهم منذ عقد وكانت العيون تدمع حبا ووفاء واشتياق الانتماء...بدأت محاضرتي بأنني احمل معي أهات ودموع مقل بعد فك المخطوفين مباركاً للوطن بالعملية النوعية للجيش العربي السوري، ناقلاً سلام وتحية القائد العام للثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش الى اخيه في الجهاد والنضال الشيخ صالح العلي....مؤمنا بأن النصر آت والكل سيحتفل بالنصر برفع العلم السورية على كامل أراضيه وسيتم سحق الإرهاب والقضاء عليه بإرادة الوحدة الوطنية السورية المتكاملة والثالوث المقدس /الشعب والجيش والقائد/. كان التفاعل مع المحاضرة بصمت مرين، والتعبير واضح في التأملات والشرود مع الشواهد الغنائية والآراء النقدية التي حاولت تقديمها، برؤية نقديّة عن مفهوم التمرّد الإبداعي في زمن الفنانين العمالقة، وكيف استطاع فريد الأطرش رسم شخصيّة فنيّة له في أنواع متعددة من قوالب التأليف الموسيقي العربي من خلال شواهد غنائية تثبت حالة التمرّد الفني لديه...حتى انفجر احدهم بالبكاء وقال: /لقد اعدت بنا الى ايام خلت/، ربما كان الأجرأ ولكن ليس الوحيد فعبرت دموع كثيرة وآراء جمالية اعتز بها ما حييت ....ليعتلي المنبر الشاعر "انيس ناصر" ويقدم من تراث جبل العرب الوان شعرية ترتبط بعلاقة وشائجية بين الإبداع والتصوير والتوثيق لأحداث والاعتزاز بالوطن وأبطاله ونقل التحية من أهل جبل العرب الى اخوتهم في الساحل السوري البطل، بلد الشهادة الشهداء الذي طيلة مسيرتنا لم نشاهد الا لوحات وصور للشهداء الابطال.. كان الإصرار على البقاء لأيام أكثر من ألم لحظات الوداع، ولكننا آثرنا برفقة أخوتي /عادل الحكيم وانيس ناصر/ السفر وتحت خيرات السماء المبتسمة برعدها وبرقها الوضاء، لتكون أنغام ماسحات السيارة هي الدليل لنا في إيقاظ العيون بالمسير...وفي الطريق كانت الاتصالات من الأصدقاء تتابع مسيرنا وتبعث بنا الامل والطاقة الإنسانية، إلا أن وصلنا الى النبك الذي لم يرض الشيخ ابو فهد من آل النعير الا ان نزوره وخيم الليل الداكن علينا...ولكنها ليلة غامرة بالمحبة مع اهلنا أهالي النبك ومن شيوخ قرية السحل وأخذ الحديث الوطني يأخذ أبعاده والاصرار على التمسك بالهوية الوطنية وانه علينا الاستفادة مما جرى بوطننا، وحدتنا هي عنوان وجودنا، ولكن المفاجأة كانت في اليوم التالي...أصر أحد شيوخ قرية السحل زيارته وما ان وصلنا حتى تعالت اصوات الترحيب بنا وأخذ يردد انتم يا اهال جبل العرب كنتم القدوة في العقل، لقد عشنا بطيف بطولات أبنائكم... والأمر الاكثر حزنا حينما أخذ يحدثنا كيف كان يحتضن اهالي الجرد من عرسال في محنتهم مع العدو الصهيوني وحرب تموز وغيرها، وحينما وقعت المحنة في قريته واضطر الى الذهاب لعرسال كيف تعامل بسوريته، والدموع تملأ المقل لديه وما أن عاد الى سورية بعد أن شد حزامه وأصر على الموت فوق ذرات تراب وطنه الام سورية على العيش خارجه دخلت وقبّل تراب الوطن السوري... وناشد الشعب السوري علينا ان ندافع عن ارضنا وهويتنا وعن انتمائنا السوري... ضارباً المثال اهالي جبل العرب كيف عمدت العقلاء والمرجعيات الاجتماعية والدينية والمجتمع إلى توحيد الكلمة والصمود وتعزيز الانتماء... مصراً على المقولة ان ثقافة الجبل والساحل ومنطقة السحل صداقة وانتماء ودفاع عن الأصالة والوفاء...أقول: مع اصدقائي وأخوتي /عادل الحكيم وانيس ناصر/ أنها رحلة دونت في ضميرنا اشجان الفرح ان سورية الجامعة الحقيقية للفرح والسعادة والناشرة ثقافة الهوية والانتماء للعالم أجمع... بين أطياف الوطن.... واثقين أن النصر آت... وأن التنمية آت... وأن الاعمار آت... وسيدّون التاريخ اننا وقفنا إلى جانب وطننا ودفعنا الشهداء والأبطال وربطنا بين الماضر والحاضر بنخوة الكبار وعقل العقلاء وتاريخ الثوار والمقاومين... بوركت يا الثقافة التي منحتني رحلة وطنية وبوركت يا وطني جميل وبوركت يا قائد الوطن...
التاريخ - 2018-11-17 12:06 PM المشاهدات 769

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا