بقلم : د. بسام أبو عبد اللههل يصدق أحد هذا العنوان لمقالي اليوم؟ للأسف هذا هو الواقع المرير الذي وصلنا إليه في عالمنا العربي، وفي المنطقة، وأنا أعرف أن الكثير من المسؤولين السوريين لم يعملوا على نشر المعلومات المتعلقة بهذا الملف عسى ولعل أن ينجحوا في جهودهم لإقناع الحكومة المصرية بالسماح للسفن الإيرانية، التي تنقل النفط إلى سورية بالمرور عبر قناة السويس، ولكن هذه الجهود فشلت كما يبدو وفقاً لما نقل عن رئيس الوزراء عماد خميس في لقائه مع إعلاميين سوريين قبل أيام وهو التصريح الأول لمسؤول سوري يكشف فيه حجم الحصار الاقتصادي وقساوته الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية.للأسف تشارك به دول عربية بضغط أميركي شديد وصل إلى حد تهديد رجال الأعمال الأردنيين بشكل علني من الملحق التجاري الأميركي في عمان، وهي أمور تحدث عنها علناً أحد النواب الأردنيين.كل ذلك في كفة وموقف مصر في كفة أخرى لأن أحداً ما في سورية لم يطلب مساعدات أو دعماً من مصر الشقيقة طيلة سنوات تسع من الحرب الفاشية عليها وعلى شعبها وجيشها ووجودها كاملاً، لا بل إن كثيراً من المسؤولين السوريين عندما كنا نسألهم عن العلاقة مع مصر كانوا يجيبون بأننا لا نطلب من المصريين أكثر من طاقتهم، ونقدر ظروف مصر، ويكفي أنهم يعلنون وقوفهم مع وحدة سورية وسلامتها وسيادتها، ويقفون مع الجيش والدولة السورية في محاربة الإرهاب. هذا الكلام جيد ومفهوم. ولكن هذه الحرب الفاشية انتقلت إلى مرحلة جديدة يعتقد فيها أعداء سورية أنه من خلال الحرب الاقتصادية سينجحون في تأليب المواطن السوري ضد دولته وبصراحة ضد الرئيس بشار الأسد وأنهم يريدون تفكيك الحاضن الشعبي الواسع للدولة والرئيس الأسد من خلال تشديد الحصار الاقتصادي وخاصة بالنسبة لحوامل الطاقة التي حسب مصادرنا تقوم من خلاله الولايات المتحدة بملاحقة كل دولة وشركة ورجل أعمال يقوم بنقل مصادر الطاقة إلى سورية من أي جهة كانت في العالم.ولأننا لا نطلب من مصر الشقيقة أن ترسل لنا نفطاً ولا غازاً، في وقت تمرر فيه الغاز لإسرائيل وتمنع قوافل النفط من المرور عبر قناة السويس باتجاه سورية التي تشكل بالنسبة لمصر جانباً استراتيجياً لأمنها القومي، هل يمكن لأي كان أن يشرح لنا ماذا يجري؟الحقيقة أن توجيه الاتهامات بالخيانة والتآمر لن يجدي نفعاً حتى لو كانت الأمور هي أقرب لذلك أو تُفهم كذلك وخاصة أن بعض أجيالنا ما تزال تعيش أجواء الزعيم العربي جمال عبد الناصر الذي قال في 24 شباط 1961 في الحفل الذي أقامه رجال الجيش الأول، أي الجيش العربي السوري، بمناسبة عيد الوحدة السورية المصرية: إن سورية قلب العروبة النابض وإن أي اعتداء على سورية لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال إلا اعتداءً على مصر.اليوم ليس المطلوب من مصر أن تصد اعتداءً على سورية لأنه وللأسف هي تسكت عمن يشنون العدوان على سورية منذ سنوات تسع، وهذا أمر يخصها ويخص سياساتها، ولكن عندما تصل الأمور إلى المشاركة في تطبيق الحصار الاقتصادي على سورية وشعبها في هذه الظروف الحساسة، فهذا أمر لا يمكن السكوت عنه لا بل من الواجب علينا أن نطلق صرخةً وبصوت عالٍ إلى كل المصريين الشرفاء وإلى كل القوميين العرب من أنه لابد من الضغط بكل الوسائل على الحكومة المصرية من أجل السماح بمرور هذه السفن ليس فقط لأن منعها يندرج ضمن الشكل الجديد للعدوان ويخدش ضمير المصريين والعرب الشرفاء ولكن لأن الكذب في هذه القضية لم يعد مقبولاً ولا مبرراً، وإذا كانت مؤسسة قناة السويس قد نفت هذه المعلومات فإننا نقول لهم: إن كلامكم ليس صادقاً وصحيحاً وإن دمشق الرسمية التي تعض على الجراح بألم وحرقة شديدين، تؤكد لمن يريد أن يفهم ويعي أنها لن تركع، وهي التي قاتلت فاشيين أتوا من كل أصقاع الأرض وواجهت حرباً كونية شرسة وما تزال، وما على الإخوة في مصر إلا أن يدركوا أن مصر مستهدفة كما سورية، وأن كلفة مقاومة الولايات المتحدة هي أقل بكثير من كلفة الاستسلام لها مهما كانت التضحيات كبيرة، فواشنطن تريد تدميرنا دولة دولة، وشعباً إثر آخر، والحل أمامنا ليس بمحاسبة السفن القادمة إلى سورية ومنعها بل بالصراحة والعلانية في تناول هذا الملف، الذي يدمي القلب والضمير والمبادئ التي نؤمن بها جميعاً كعرب.النداء موجه لكل المصريين الشرفاء، ولكل القوميين العرب ولكل المناضلين أن ارفعوا الصوت لوقف التواطؤ على سورية وشعبها، فمن المخجل أن نكتب أن مصر تحاصر قلب العروبة النابض، ولكن هذا القلب الذي تعرض لآلاف الطعنات سيبقى ينبض تحدياً وشموخاً وكرامة، وكذلك حباً وعروبة صافية حضارية متمسكة بجذورها وانتمائها.أما الذين مازالوا يحاصرون السفن القادمة لسورية في قناة السويس، فما عليهم سوى العودة للتاريخ لعقود ليقرؤوا عن البطل جول جمال الذي هاجم سفن العدوان على مصر، واستشهد من أجل مصر، وهو سوري وعروبي حقيقي، وأعتقد أن على هؤلاء أن يخجلوا أمام الشعب المصري وأمام التاريخ، لأنه لن يذكرهم إلا بأسوأ الأوصاف.لا تخشوا على سورية وجيشها وقائدها، لأنها ستبقى رغماً عن أنوف الجميع قلب العروبة النابض الذي لن يوقفه حصار، ولا طعن الإخوة غير الأشقاء، لأن البلد الذي واجه هذه الحرب الكونية، وعانى ما عاناه وما يزال، يدرك أنه دخل مرحلة عض الأصابع الأخير، وهي مرحلة قاسية وصعبة وحرجة وخطيرة، ولكنها بالتأكيد لن تزيدنا إلا تمسكاً بما أنجزه جيشنا البطل، ولن نضحي بما راكمناه من إنجازات، لأن أعداءنا وخصومنا يضغطون الآن بكل إمكاناتهم، وجبروتهم وهو ضغط مؤلم وصعب، ولكن لن يجعلنا نتراجع قيد أنملة والهزيمة مصيرهم مهما أجرموا، وما يقومون به ليس دليل قوة، إنما مؤشر غضب وسعار من قدرة السوريين الأسطورية على الصمود وإسقاط مشاريعهم.أن نقول إن مصر تحاصر قلب العروبة النابض بالتأكيد أمر مخجل ومشين ولا مبررات لذلك مهما قيل عن الضغوطات التي تتعرض لها مصر فما تعرضت له سورية يفوق بأضعاف ما يمكن أن تتعرض له أي دولة ليس في الوطن العربي فقط إنما في العالم.أيها الإخوة المصريون، طمنونا عنكم، فنحن مع كل الألم الذي نتعرض له بألف خير وسورية التي قال عنها عبد الناصر ذات يوم إنها قلب العروبة النابض ملأى بشقائق النعمان وبرائحة دماء الشهداء وبرائحة ثياب جول جمال وسليمان الحلبي وأبطال حرب تشرين.اهتموا بمصالحكم ولكن لا تعتقدوا أن قلب العروبة النابض سيتوقف عن الخفقان للحظة واحدة، ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم.راجعوا ضميركم وكفانا ضحكاً على شعوبنا، فشرفاء مصر لا يمكن أن يقبلوا بهذا الهذيان.دمتم بخير
التاريخ - 2019-04-11 7:06 AM المشاهدات 2360
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا