دخل الله:.. أيُّ تحليل سياسي هذا؟..بقلم ـ د. مهدي دخل الله:كثر ظهور المحللين السياسيين على شاشاتنا في متابعة للأحداث السريعة والحادة في جزيرتنا السورية, وأود أن أشير هنا إلى أمرين فيهما من العبث ما يكفي:أولاً – من أهم قوانين السوق – بجميع أنواعها – أن البضاعة التي تعرض بكميات كبيرة تفقد سعرها, وغالباً ما يشيح الزبون بوجهه عنها متجهاً إلى بضاعة أخرى نادرة.إن الساعات الطوال التي يحتلها التحليل السياسي على شاشاتنا تبعد «الزبائن» الذين اسمهم المشاهدون عن المتابعة, وتفرض عليهم التوجه إلى محطات أخرى تعرض بضاعة أكثر إثارة.إن علم نفس الإعلام يقوم على إثارة فضول الزبون- المشاهد, وهذا يتطلب الإيجاز والندرة لأن كل ما هو نادر مرغوب وسيتم الاستماع إليه بدقة, أما كل ماهو فائض ومطنب فهو غير مثير لاهتمام المشاهدين..وقعت الشاشات اللبنانية في الخطأ نفسه عندما نقلت الأحداث الأخيرة في الشوارع ليل نهار, وصل المشاهد إلى حالة الإشباع على الرغم من أهمية الحدث !…ثانياً – عدد كبير من المحللين عندنا يلتزمون – نسبياً – بشيء من الموضوعية في التحليل استناداً إلى معلومات حقيقية, لكن هناك عدد آخر يفرش لنا الواقع ببساط حريري, جاعلاً من كل أعدائنا مجرد أقزام غارقين في ضعفهم وأزماتهم لدرجة أنهم قد ينهارون بين ليلة وضحاها. فأمريكا مثقلة بالهموم والمصائب ومرتبكة ولا تعرف كيف تدير شؤونها (ليتها تأخذ هؤلاء المحللين مستشارين لديها). وتركيا بلد فيه حكومة مهزومة ومتأزمة وفيه رئيس لا يعرف ما يفعل وكأنه أبله أو مجنون.. أما أوروبا فهي أيضاً غارقة في وحول المصائب والأزمات كلياً ولا تعرف ماذا تفعل، وكذلك قطر وكل من اعتدى على سورية, وجميعهم منهارون بانتظار ركلة صغيرة كي يتحطموا تماماً ويذهبوا إلى مزبلة التاريخ ..يا أخي ارحموا عقولنا وعقولكم, وعواطفنا وعواطفكم! بالله عليكم إذا كان أعداؤنا ضعفاء منهارين إلى هذا الحد فأي عظمة لتصدينا لهم؟ يمكن لأي شخص أن يواجه الضعفاء ولا فخر له في ذلك.. أما إذا كان أعداؤنا أقوياء متغطرسين يملكون من أسباب القوة المادية مليون ضعف مما نملك, فهذا يعني أننا شعب عظيم جداً لأننا نتصدى لهم بكل هذا الثبات وهذه الثقة..إن في الاستخفاف بالأعداء استخفاف بتصدينا لهم !… ليت هذا الحكم العقلي والعقلاني يصل إلى رؤوس بعض المحللين عندنا فتصبح «بضاعتهم» أكثر رواجاً لدى الرأي العام الناقد والعارف في بلدنا..تشرين
التاريخ - 2019-10-22 10:21 PM المشاهدات 1952
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا