الحب إرادي أم لا إرادي؟ الوصايا العشر للتخلص من الحب

الحب هو التوق لشخص معين, وهو ثاني أكثر كلمة مستخدمة في العالم ويساء استعمالها, (أول كلمة مستعملة ويساء استعمالها هي الله). الحب الفاشل يسبب رضوضاً نفسية للشخص المعني, كما يؤدي إلى نوعية حياة سيئة. من الطبيعي في المراحل الأولى من الحب أن "نفقد السيطرة" حتى أن الإغريق القدماء أطلقوا على الحب لقب (جنون الآلهة). الحب يجعلك تقوم بأمور غريبة مشابهة لحالة السكر, وعندما تصحو تندهش من الأمور التي قمت بها, وكأنك كنت في حالة من اللاوعي. يبقى السؤال هل الحب إرادي أم لا إرادي؟ إذا كان إرادياً, فهذا يعني أننا نستطيع التحكم بجميع مجريات الأمور, لكن عملياً وعلى أرض الواقع فإن الموضوع ليس بهذه البساطة. أما إذا كان الحب لا إرادياً, سينتج عن ذلك عدم مسؤوليتنا عما يحدث معنا وسنحيا بالتالي مثل سفينة تلعب بها الريح من كل جانب وهنا الكارثة. إن دراسة الموضوع بتمعن تصلنا إلى أن الحب يشبه التنفس. التنفس لا إرادي عموماً, فنحن لسنا بحاجة إلى التركيز في هذه العملية لكي تسير على أكمل وجه, وكما أن الحب يزداد وينخفض بحسب ظروف معينة, كذلك فإن تسارع التنفس يزداد عند الجري ويتباطأ عند النوم. لكن في الوقت نفسه, نحن نستطيع التحكم بالتنفس عندما نريد, بل الأكثر من ذلك نستطيع إيقافه عند الضرورة كما هو الحال عليه عند الغطس. نحن نملك الحرية بأخذ قرار التدخين أو عدمه بادئ الأمر, لكن قرار الإقلاع عن التدخين ليس بالسهولة ذاتها. الحب إرادي في المراحل الأولى, ونحن المسؤولون عن فتح باب القلب لتتحرك مشاعرنا باتجاه شخص ما. ولكن الأمر ليس بالسهولة نفسها عندما نريد إغلاق الباب. ومما سبق نستنتج الجواب على سؤالنا وهو: (مشاعر الحب لا إرادية نتيجة أفعال إرادية). هذا قبل الزواج, أما بعد الزواج فالحب من جانب الزوجة هو "تلقائي" أي هو الاستجابة الطبيعة لأعمال الحب, والحب من قبل الرجل هو "قرار", أي عليه أن يعمل أعمال الحب مثل الكلام اللطيف والهدايا والخدمات. علماً أن الطبيعة الجنسية للرجل تجعله هو العنصر المعطي, بينما الطبيعة الأنثوية للمرأة تجعلها العنصر المتلقي, وهذا واضح من خلال الطبيعة البيولوجية لكلا الجنسين, وبالاستناد على هذه القاعدة نستطيع أن نفهم لماذا تفرح المرأة بالهدايا, مع العلم أن قبول الفتاة للهدايا والخدمات يعني قبول مبطن لهذا الشاب. فيما يخص السؤال الثاني, ولماذا علينا أن نتحرر من مشاعر الحب في بعض الحالات. الجواب هو في المثال التالي. إن الزارع يغرس في بستانه على أمل أن تعطي الشجرة فيما بعد ثمارها, لكن في حال لم تعط هذه الشجرة أثمارها بعد أن اعتنى بها الاعتناء الكامل, وعلم بالتالي يقيناً أنها لن تثمر أبداً, فإن بقاءها سوف يعطل قطعة الأرض القائمة عليها هذه الشجرة, وبالتالي لا يمكن استخدام قطعة الأرض هذه إلا بعد قطعها ليزرع مكانها شجرة أخرى تعطي الثمر في حينه. كذلك الأمر تماماً في حالة الحب, فهناك نوع من الحب ندعوه بـ"الحب العقيم", وهو الذي نعلم يقيناً أنه لن يؤدي إلى ثمر, وذلك مثل الحب القائم من طرف واحد, أو أن يوجد تفاوت غير قابل للحل من نوع ما بين طرفي الحب, أو أن يكون أحد الطرفين متزوجاً وما إلى ذلك. في هذه الحالة من الصعب على الشخص أن يقوم بعلاقة حب جديدة سليمة ما لم ينه العلاقة القديمة. إن واقع الأمر يملي علينا أن نتحرر من أحمال الماضي لكي نسير بشكل أفضل للمستقبل, وهذه المقالة تستند على آراء خبراء في هذا المجال لتساعد بعض الأشخاص على شفاء القلوب الجريحة, وذلك من أجل أيام قادمة أجمل. لكي تكون حراً وتعيش حياة "متوازنة" عاطفياً, وتصبح قادراً على إيجاد شريك جديد وتعطيه حقه من العواطف والمشاعر عليك إتباع الوصايا التالية: 1. تحمل مسؤوليتك الشخصية: كل علاقة مكونة من شخصين وبالتالي كلا الطرفين مسؤول بشكل أو بآخر عن نجاح أو فشل العلاقة. وبما أن الخطأ مرادف لكلمة إنسان ولا يوجد إنسان كامل, فبالتالي علينا التوقف عن لعب دور الضحية وتحمل مسؤولية أفعالنا وردود أفعالنا.2. لا تدع أي شخص يستأجر حيزاً في عقلك مجاناً:عندما لا تسامح الشخص الآخر فأنك تسمح له أن يستأجر مجاناً في عقلك.الاقتباس التالي هو من عيادة Mayo الأمريكية:"عندما يؤذيك شخص ما كنت تهتم لأمره فأنك تستطيع أن تفكر بالغضب, المرارة, الانتقام, أو أن تختار المسامحة وتسير للأمام... بشكل عام فإن المسامحة هي أن تتخلص من أفكار الانتقام والمرارة... المسامحة لا تعني أن تلغي مسؤولية الشخص الآخر على إيذائك, وهي لا تقلل أو تبرر الخطأ. المسامحة تعطيك نوعاً من السلام يمكنك من الاستمرار بحياتك حرة. إذا لم تسامح فإنك تدفع الثمن بشكل متكرر وذلك بإحضار مشاعر الغضب والمرارة إلى كل علاقة جديدة".أنت لست بحاجة لإخبار الشخص الآخر عن مسامحتك له لأن الأمر متعلق بك وحدك.عزيزي القارئ, احفظ هذه في ذهنك: هناك فرق كبير بين المسامحة والنسيان. لتحقيق المسامحة يلزمك أمرين: الوقت وشخص متفهم, أما لتحقيق النسيان فيلزمنا مطلباً وحيداً وهو شخص مصاب بالزهايمر.3. تعلم من خبراتك السابقة: لك ملء الحرية في أن تعيد بناء العلاقة مع الشخص الذي آذاك عاطفياً أو لا. الخيار يعود لك. في الحياة نقابل أشخاصاً ومواقف حتى ننمو, وأغلبنا يلاحظ أنه يتعلم أكثر من المواقف الصعبة ومن الأشخاص الذين آذونا. أنا لا أشجعك أن تبحث عن الألم, لكنه في الوقت نفسه أمر لا يمكن تجنبه. هو جزء من الحياة, ويمكن اعتباره هدية.4. توقف عن الاستماع للموسيقى الرومانسية خلال فترة النقاهة, وتوقف خلال هذه الفترة أيضاً عن مشاهدة أفلام الحب أو قراءة الروايات المثيرة للعواطف. النفس بحاجة لفترة استراحة حتى تستطيع أن تبدأ بقوة من جديد. إضافة إلى أن الرياضة مفيدة جداً ليس فقط للجسم بل أيضاً للنفس. في الواقع يبقى أهم دعم نفسي هو الأصدقاء الحقيقيون ويفضل من الجنس نفسه, لأن تفريغ الشحنات العاطفية باتجاه صديق من الجنس الآخر سيؤدي إلى نتائج غير مضمونة. في هذا السياق ألفت النظر إلى معلومة ليس أبداً لغرض تطبيقها ولكن لمجرد العلم بالشيء, وهو أن ممارسة الجنس مع شريك آخر هو دواء فعال وله تأثير شاف قوي من حب قديم. طبعاً الحذر ثم الحذر من استعمال هذه الوسيلة التي لا تبرر الغاية, فأحياناً تكون كمن يهرب من الحفرة ليسقط في البئر.أما نصيحتي فهي التركيز في العمل, فعندما نكون مشغولين بأمورنا الخاصة وخاصة عندما نحصد نتائج إيجابية مشجعة سوف يتجه العقل إلى التفكير بعقلانية ومنطقية, إضافة إلى الدعم النفسي الذي نحصل عليه نتيجة تحقيقنا لأهدافنا.5. حاول قدر الإمكان الابتعاد عن أماكن وجود الشخص الآخر. والحذر ثم الحذر من تلاقي العيون, الأمر الذي ليس من السهولة بمكان نسيانه وعدم التأثر به. كما أنه ليس من المفيد دائماً تتبع أخبار الشريك القديم, مع العلم أن معظم النساء يتتبعن بكثافة أخبار حبهن القديم على شبكات التواصل الاجتماعي بالرغم من كونهن متزوجات, وهذا الأمر لا يعني أبداً نوعاً من الخيانة بل هو ناتج عن الفضول.6. ضع الأشياء ضمن مجال الرؤيا: إذا كانت الحياة فرصة, فاغتنمها. الحياة جميلة, استمتع بها. الحياة حلم, أدركه. الحياة تحدي, قابله. الحياة واجب, أكمله. الحياة لعبة, ألعبها. الحياة وعد, حققه. الحياة مأساة, تغلب عليها. الحياة أغنية, أنشدها. الحياة كفاح, اقبله. الحياة صعوبات, واجهها. الحياة مغامرة, خضها. الحياة حظ, اصنعه. الحياة غالية جداً, لا تضيعها. الحياة هي الحياة, عشها.علينا التخلي عن الاعتقاد أن الحياة مستقيمة. في كثير من الأحيان تحدث أمور سيئة لأناس جيدين. علينا تطوير إمكانية رؤية الصورة بمجملها.7. لا تعش في الماضي: تعلم من أخطاء وخبرات الماضي لكن لا تبالغ بالاهتمام به لأنك لا تستطيع تغييره. تحرر من الماضي وركز على المستقبل. السيارات جميعها لها زجاج أمامي واسع ومرآة صغيرة للنظر للخلف والدلالة واضحة: ما هو موجود أمامنا أهم بكثير مما هو خلفنا. هذا هو صلب الموضوع وأصعب عقدة على الحل في رؤيتنا للواقع. إما أن تبقي نظرك نحو الخلف فتسير بخطوط مضطربة أو تنسى ما هو وراء وتمتد إلى الأمام. تذكر هذه: "لا أحد يضع يده على المحراث وينظر للوراء يسير بخطوات متوازنة". ضع حدوداً واضحة, وفي حالة حاول شريكك السابق تجاوزها طبق هذه القاعدة: (عندما يتصل الماضي, لا تجيب, لا يوجد جديد ليقوله لك).8. لا تلعب لعبة اللوم: الإنسان دائماً وأبداً يحاول إلقاء اللوم على الآخر, وبجميع الأحوال هذا لا يصل بنا إلى أي نتيجة. نريد أن نعرف من المخطئ وكيفية دفعه للثمن. بدل أن نعاتب الشخص نحن نلومه على عدم إعطائنا ما لم نطلبه. نحن لا نستطيع تحسين ظروفنا إذا لمنا الآخرين على أقدارنا. لا نستطيع حل المشكلات فقط بالإشارة بالإصبع.9. لا تكن الطابور الخامس ضد حبيبك السابق: لا تسئ إلى سمعته, ولا تنشر قصصاً للناس لتجعله يبدو سيئاً أو لتظهر أفضل منه, والأهم من ذلك كله لا تحاول انتحال شخصية جزيرة الكنز وأنه كان دائم البحث عنك بحثه عن مدن الذهب الغامضة. 10. كل الوصايا التي قرأتها لحد الآن كانت بحث وترجمة من منشورات انكليزية أو فرنسية, وإذا لم تساعدك حتى الآن فسوف أعطيك رأيي الشخصي النهائي في هذا المجال موضحاً إياه في المثال التالي: في الثمانينات من القرن الماضي تعطلت أحد طائرات الركاب المدنية أثناء تحليقها فوق مناطق جبلية في أمريكا الجنوبية. مات قسم من الركاب ونجا البعض الآخر. لم يتواجد مع أي من الركاب هواتف محمولة ذلك الوقت, وذهب كل يبحث عن طريق النجاة في تلك المناطق الجبلية الوعرة. أحد الأشخاص وأثناء تسلقه أحد الجروف سقط من أعلى إلى أسفل الجرف الصخري, ولسوء حظه فقد علقت يده بين صخرة وجدار الجرف. حاول هذا الشاب وبشتى الوسائل أن يجعل يده تنزلق من بين الصخر لكن دون جدوى, مع أن يده الأخرى حرة. اقترب مغيب الشمس وهو عالق في هذا المكان الضيق, ثم بدأ يشعر بوجود الحيوانات المفترسة مع حلول الظلام. أصبحت اليد العالقة لهذا الشاب مهددة لحياته. هل تعلم ما الذي فعله لكي ينجو. فتح الحقيبة التي كانت على ظهره باليد الأخرى واستل منها السكين وقطع يده. لقد نجا هذا الشاب بعد هذه التضحية الجريئة. هذا بالضبط ما يجب ان نعمله. عندما نجد أن قلبنا العالق يؤدي بنا إلى الانحطاط الاجتماعي والفكري, يتوجب علينا أن ندوس على مشاعرنا واتجاهات قلبنا, لأن احترامنا لذاتنا أغلى من هذه المشاعر الوقتية التي مالت بالاتجاه الخاطئ. في الختام أود التنويه إلى أن الطريقة التي نتعامل بها مع الماضي تؤثر على مستقبلنا. إما أن نتعلم من الاختبارات بغرض تحسين نوعية حياتنا وإما أن نأخذ دور الضحية. ابق في الذهن أن أفضل انتقام هو أن نعيش حياة ما بعد الفراق رائعة. وتذكر أيضاً أن تحديات الحياة كالأمواج, إما أن نسمح لها أن تتحكم بنا وإما أن نرتفع فوقها. إذا ركزنا على ما هو سلبي ستمتلئ قلوبنا بالمرارة, أما إذا ركزنا على المستقبل فسنشعر بقوة الحياة. الدكتور : ماهر حداد