الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، والمسؤول الحكومي السابق الدكتور شفيق عربش، بين «أنه يقرأ الصمت الحكومي أمام ما يحدث في الأسواق بـ«العجز»، وبأنه تعبير عن أن الحكومة «بعيدة عن الواقع، وتمارس بعض أنواع ردود الأفعال التي لا تثمر شيئاً، فلذلك صمت الحكومة أفضل من كلامها الذي يزيد لهيب الأسعار الذي يكوي أغلب أفراد المجتمع».
ووصف الصمت الحكومي والابتعاد عن التصريح بحقيقة الأمور بأن «فاقد الشيء لا يعطيه»، في إشارة منه إلى أن الحكومة لا تملك معلومات دقيقة عما يحصل في الأسواق لتخبر بها المواطنين.
وبين عربش أن حاكم مصرف سورية المركزي لا يعلم ما المطلوب منه، والحكومة لا تخبره برؤيتها في السياسة النقدية، ولا تطلب رأيه فيها، وهو عندما يحتجب عن الظهور الإعلامي فلأنه لا يعرف ماذا سيقول، متسائلاً «هل يعرف الحاكم لماذا تتغير أسعار الدولار بدقة؟ وماذا يفعل نائبه المسؤول عن القطع؟ فليظهر ويتحدث عما يجري في سوق الصرف».
وختم عربش قوله بالتأكيد إننا لن نشهد سوى الصمت، سوى أن نقرأ تسريبات فيسبوكية تفسر ما يجري في الأسواق، وخاصة سوق الصرف، بعيدة عن الواقع.
إيضاح ومحاسبة
النائب حسين راغب بين لـ«الوطن» أن العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية في سورية قائمة على أساس التعاون والرقابة، وبالتالي «اليوم نحن أحوج ما نكون لتعزيز التعاون والشراكة بين السلطتين في حوار بناء حول المشاكل التي تواجه المجتمع، من أجل وضع الخطط والحلول للمعالجة في ضوء تحليل عميق للأسباب الجوهرية للمشكلة، وكذلك تفعيل أدوات رقابة مجلس الشعب على الحكومة، واليوم أعضاء مجلس الشعب معنيون في وضع حلول وخطط لمشكلة تدهور سعر الصرف وارتفاع المستوى العام للأسعار وعرضها على الجهات الحكومية التنفيذية لمناقشتها من أجل الوصول إلى صيغة الحل الأفضل لهذه المشكلة».
وأضاف «من خلال واجبنا الدستوري كأعضاء مجلس الشعب في التعاون وممارسة الرقابة السياسية على أداء الحكومة، لا بد من الوقوف والاطلاع من الحكومة على الأسباب التي منعت إلى الآن من إطلاق خطة اقتصادية وطنية في مجال سعر الصرف وارتفاع الأسعار؛ والاطلاع من الحكومة حول توفر أو عدم توفر رؤية في هذا الجانب، وكذلك محاسبة كل مسؤول فاسد أو مقصر أو لا يمتلك رؤية للحل.
ورأى راغب أن المقاربة الموضوعية لهذه المسألة تستلزم معرفة الأسباب الحقيقية لهذا التدهور في سعر الصرف، وأبرزها انكماش الناتج المحلي الإجمالي بسبب توقف المعامل واستهدافها من قبل الإرهابيين بالتدمير أو التفكيك والسرقة، وحالة عدم الأمان بالنسبة لطرق النقل والتوزيع، وخروج أعمال المستثمرين، فبعض الصناعيين والتجار والمستثمرين في قطاعات مختلفة أخرجوا أموالهم مما أضعف موجودات البنوك من القطع الأجنبي وخفض فرص الإنتاج والتشغيل، كذلك اختلال حركة التصدير والاستيراد، والإجراءات القسرية الاقتصادية ضد الشعب السوري من حصار وإرهاب اقتصادي وآخرها مشروع قانون سيعزز المعدّل، بالإضافة إلى ارتفاع كلف عمليات الاستيراد وتراجع التحويلات الخارجية، وفرض حظر على استيراد النفط السوري ما أدى إلى حرمان الخزينة من أكثر من ثلث إيراداتها وبالتالي تخفيض الموازنة العامة للدولة.
وأضاف «حالياً، أجد إضافة للأسباب السابقة أن التدهور المتسارع لسعر الصرف سببه الاضطرابات والأحوال الأمنية والسياسية التي تشهدها المنطقة، فقد اهتزت الثقة لدى الكثيرين في العملة المحلية، بالإضافة إلى عمليات المضاربة التي قام ويقوم بها البعض من غير المنتمين للوطن والمأجورين المرتبطين ببعض شبكات المضاربة الخارجية، وكذلك البعض يقوم بها على مواقع التواصل الاجتماعي والهدف هو التأثير سلباً على الاقتصاد السوري وإحداث حالة من الإرباك والانهيار الاقتصادي».
أما حول تقييم الدور الحكومي والمصرف المركزي من أجل الحدّ من تدهور سعر الصرف، فقال: «نجد أن المصرف المركزي قام سابقاً بعدد من الإجراءات لم تؤد إلى نتائج ملموسة في السيطرة على سعر الصرف، بل أدت في جزء منها إلى انخفاض غير مبرر في احتياطيات المركزي، كالتدخل المباشر من خلال بيع كميات من القطع الأجنبي للمواطنين، وبيع القطع الأجنبي على شكل شرائح في المزادات العلنية، وضبط عمليات الاستيراد، وملاحقة غير كافية للمضاربين في السوق السوداء، وبالتالي أستطيع القول إنه يجب وضع خطة إستراتيجية لوقف تدهور سعر الصرف تأخذ بالحسبان ضرورة دعم القطاع الإنتاجي، خاصة القطاع الزراعي، ودعم المشاريع الوطنية الصغيرة والمتوسطة والاطلاع على توجهات الحكومة بهذا الجانب، باعتبار أن الدولة السورية تمتلك مزايا تنافسية في هذه القطاعات، وهناك قدرة عالية على التعافي وسرعة الإنتاج، وبالتالي دعم الجاهزية التنافسية للاقتصاد السوري، وتحقيق قيم مضافة عالية من خلال التصنيع والتصدير».
كما طالب راغب بفرض رسوم جمركية على كافة المنتجات الأجنبية المنافسة للمنتجات المحلية، وإعادة توجيه القطاع المصرفي للقيام بدوره الأساسي في تمويل الاستثمارات الإنتاجية خاصة القطاع الزراعي والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتفعيل دور مجلس النقد والتسليف بحيث تتدخل السلطات النقدية في تحديد سعر الصرف بالشكل الذي يواكب حركة السوق ويقترب من القيمة الحقيقية لسعر الصرف منعاً للمضاربة، وكذلك استمرار دراسة ترشيد تمويل المستوردات لجهة أولوية القمح والمحروقات وتوفير مستلزمات الجيش العربي السوري في محاربة الإرهاب، والأدوية، والاستمرار في ملاحقة المضاربين وإيقاع أقصى الجزاء بحقهم.
الوطن
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا