الأنيابُ أخذت من جلدي موطناً، لم تعُد أفواههم موطنها!
خلعتُ رداء الأنوثة ليلاً وبانت معالم المعارك الذكوريَّة، مشيتُ في منزلي كأمنيةِ رجلٍ، كحُلمٍ يشتهيه جلده الأحمق
العيون لا تُبصِر أبعد من الأنوف المُلتحمة على الوجوه، لا تُبصِر نزيف الوقت إلَّا أنَّها ترى حركة عقارب الساعات!
تخيَّلتُ ذاتي محصورة بلوحة، كُل التفاصيل بي وحولي تصلُح لتكون لوحة إذا ما راقبها نظرٌ محدود، هل يتوجَّب على نظري أن يكون محدوداً كحالهم؟
أليسَ الذوَّاقون في الفن وحدهم من يُدرِكون جمال اللوحات؟
عن أيِّ حدٍّ أتحدَّث إذاً؟
الفنُّ هو تخطٍّ للحدود إلَّا أنَّه قد تخطَّى الإنسانية هنا، هل على الفن أن يتخطَّى الإنسانية وكينونة الذات؟
وأنا.. أنا.. ليس لي مذاق! أنا لستُ حلوةَ الطعمِ ولا مُرَّةً أيضاً، لا أملكُ مِلحاً إلَّا في دمعي، هل عليَّ أن أبكي لأُصبِح ذاتَ طعمٍ فيتذوَّقني فنَّانٌ مُبدِعٌ وبهذا أكون قد حققت أعلى معايير وجود أُنثى؟
أطفأتُ سيجارتي اللعينة وبعثرتُ دخانها الكئيب، أمسكتُ بعطرٍ ينام جانب المنفضة دوماً وبخختهُ في الهواء لأنَّ الإناث هنا عليهنَّ أن يملُكن رائحةَ الورد والليمون، عليهنَّ أن يمتلِكنَ رائحة النعيم فلا يسلبون مُعتقداتهم نحو الجحيم
كان الدواء الموضعي متوافراً دوماً في غُرفتي، هكذا نُكمِل، هكذا نتجاوز الألم!
نأخذُ قطنةً زرعها رجلٌ ما وحصدها رجلٌ ما ونزاوِجها بكحولٍ عبَّأه رجلٌ ما لنمسح جُرحاً افتعله رجلٌ ما
لا يحق لي أن أشتكي حدَّة الأنياب بعدها، فجلدي هو الرقيق لا أنيابهم الحادَّة!
ألستُ أنثى؟ ألستُ رقيقة؟
ما ذنبهم إن كان خدشيَ سهلٌ رُغمَ صمودي في مئاتِ المُنازلات، الصمود لا يعني أنَّني بريئةٌ من الخسارة، فالخسارة هي الخسارة والصمود هو مُحاولة لإبعاد الخسارة ولا تبجيل له إلَّا بين الرجال للرجال.
أنامُ خالعة رداء الأنوثة لكنَّه لا يخلعني، هو من يوقِظني صباحاً ويأخذني نحو الأبواب الشائكة ونحوهم، لأُعاوِد المحاولة لأُعاوِدَ الصمود فيقول: لا بأس.. لا بأس إن خسِرنا فنحنُ رابحان طالما ما زِلنا معاً أمامهم.
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا