شبكة سورية الحدث


الشعور الأول بقلم الكاتبة جميلة محمد ياسر عنداني

الشعور الأول بقلم الكاتبة جميلة محمد ياسر عنداني

_الشعورُ الأول حين يبدأُ شعرُكَ بالتساقطِ
وتكثرُ حولك عُلب الأدوية
_الشعورُ الأول حينَ يتأخر والدكَ في اتصاله الهاتفي من العمل
_هو الخوف_
أتعرفُ معنى أن يكون المرءُ خائفاً
يأخذُ أوكسجينه وهو يرتجفُ
يُقبِلُ الصباحَ بشفتين زرقاوتين
يمشي بأقدام مُهترئة نحو النورِ ولا يصلْ
فيطمسُ الحُزنَ مَلامِحَهُ..ويقرعُ المرض بابه
أجل أنا هكذا
لا تسألَ لماذا
لو إنّني أعلمُ سبب هذا الخوف لما دوَّنتُ لكَ هذا كلَّهُ
أنا اكتبُ لك هرباً من كلِّ شيء.

أن تحمل شعوراً وتُسقطهُ كَجرمٍ سماويّ على ورقة فَيحرِقَ في سقوطه كلَّ وسائلِ التعبير.
أمرٌ شاق على فتاة من عمري!
قالَ في الكتابةِ جُوزيف النعنع:
"السَّيء أنّني اكتِبُ عندما أكونُ متعب و الأسوأ إنّني دائماً اكتُب".
جيدٌ أن نعلمُ العلاقة الطردية بين أتعابنا وحروفنا.
فيها نُعتِقُ النفسَ مِن سجونِ الحناجر
ويستريحُ الصوت.
لكنني ورغم حُسنِ الكتابة أبقى مُتأرجحة على عتبة الأوراق.
أُعاني من استعصاءِ الحروف
مرهقةٌ حدّ الأرق!
اشعرُ بالذُعرِ كَعصفورٍ يخافُ طلقة صياد وقفَ على كتفه يوماً
أريدُ الأمانَ!
كيفَ أصل؟!

اتركو هذا الأمر سنتناقش فيه لاحقاً
أغرقتكم ببحرِ البؤس.
وابتلعُت بحروفي لمعة عيونكم
دون أن أعلم.
أعتذرُ عن قلمي المغفل.

هل تريدون سماع صوتي بشكل أبهى على الورق!
رتلّوا في هدوء معي:
_الحُبَّ والصّلوات تصنعُ المعجزات_
سأخبرُكم كيف!
المكان:سوريا
في مدينةِ لا تشبهُ المدن التي على الخرائط.
الزّمان: في ليلةٍ طاف فيها النور حتى وصلَ إلى كلّ أهل الأرض.
ليلة الخامس والعشرين من شهر ديسمبر من العام التاسع عشر بعد الألفين.

ابحثُ عن شيء سقطَ مني فلا أجِدهُ.
كيف تسيرُ الحيرةُ بي هكذا يالله!
ألم توصي على قلبي خيراً...
ساعاتٌ وسيصبحُ اليوم أمساً.
الحبرُ كاد ينفذ!
والموسيقا تضمرُ!
القهوة باردة جداً كما أناملي!
توقفتُ عن الكتابة قليلاً!
عليَّ بقسطِ من الرّاحة!
استلقيت وعيوني تعانقُ الظّلامَ في غمضتها الأولى.
سمعتُ شيئاً داخلي ينادي:
"حُبّاً حُبّاً حُبّاً انهضي "
لم يكن عليَّ سوى الاستجابةُ لعمقِ الصوت.
أنا اسمعه بشكل كامل؛
" حُبّاً حُبّاً حُبّاً انهضي و صلِّي لله "
دون توقف بدأتُ ركعتي الأولى؛
ناديتُ ربي وناجيته.
تحدثت إليه كثيراً
شعرتُ بإن صوتي لا يرَّدُ إليّ بصدى،
وأن شيئاً ما يبتلعه ويخزّنهُ.
كنتُ لا أشعرُ بِمرورِ الوقت
كان شيئاً داخلي يرقص
حُزنٌ يتبدد وسعادة تغمرني.
الأرض تقبلُ جبيني !
ترسمُ لي نجمة على كفوفي!
وفي آخرِ سجدة لي!
بينما هممتُ على رفعِ رأسي من موضعِ الصلاة...
وجدتُ هناكَ
حيثُ المكان أوسعُ من قلب أمي
وجدتُ وجهكَ!!
أقسمُ لكَ حُبّاً بإنني وجدته
عالقاً في كَبِد السماء
أجل..أجل..
إنَّه أنتَ..أنتَ!!!
بِكلِّ ما فيكَ من نور
أتيتَ حاملاً لي عيونك بغيمة
مسحتَ على رأسي بطمأنينة.
رأيتُ نور الله بكَ!
فلم استطع الحديث معك
تلعثمت بي الحروف!
وكانت دهشتي تخرج من جدران المنزل للفراغ.
كانت روحي تعانقكَ هناك
حيثُ لا أحد سواكَ.

كم كانت السماءُ واسعة
لمستها للمرّة الأولى وحققتُ حلمي
كانت وسادة أمان!
كانت طرّية جداً!

كتابة:جَميلة محمد ياسر عنداني⁦

التاريخ - 2019-12-29 1:00 PM المشاهدات 940

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا