شبكة سورية الحدث


لم أكن أعلم كل ذلك بقلم الشاعرة بثينة هرماسي

لم أكن أعلم كل ذلك بقلم الشاعرة بثينة هرماسي

~ لم أكن أعلم كلّ ذلك..
                              إلى أن كتبت ! ~

حين كنت طفلة صغيرة
كم كنت أودّّ أن أكون شاعرة 
كان يغريني سحر الحرف،،
و جمال  الكلمة  ،،

كنت أرى الشعراء ،،
 في منزلة عالية ..
تماما كالأنبياء !
 في الكتب المقدسة ..
 أو كابطال أساطير الإغريق ..
 نصف بشر  ،،
والنصف الآخر آلهة ،،

 كنت أراهم  في خيالي ،،
أشاوشا .. بواسلا ..
لا يهابون الوغى ...
ولا المآزق ..
فوارس ! ..
 يمتشقون الحرف 
من غمد القلب ..

يخوضون به  معارك الحياة ..
فلا يهزمون أبدا ! ..
تماما كالشّجعان المغاوير 
 في ملحمة ..

 كنت أودّ أن أكون شاعرة !
 لا تهاب عتم الليالي ..
 ولا ظلمة الطريق ..
أحمل في جيبي،،
 نجمة مضيئة ..وأمنية ..
تشعّ منها شعلة قصيدة  
فتنير لي ،، درب قلبي
 كالبوصلة !

وأنا طفلة صغيرة ..
كنت أعتقد أنّ الشّعر تميمة ،،
 لها قوى خارقة ،،
تحصّن القلب من الشرّ ..
 والنحس ..والحسد ..
 والأذى ..

و كنت أعتقد ،،
أن للشّعر مملكة جميلة.. 
فوق التلال ،،
 بيضاء ناصعة ..
نلوذ اليها ،،
 فتُبهِج كُدرتنا !
وتضيء لنا إكتئاباتنا !

 وكنت اعتقد ايضا
أن  الشعر سكن
بيت دافئ  .. يأوينا ،،
بيت  جميل ..
مسيّج بالرّياحين ..
والورود ..
والأحلام العابقة ..

كنت أعتقد ،، 
أنّه بإمكان القصيدة
أن تبحر بنا ،،
 إلى مرافئ السلام ! ..
 وإلى جزر خلاّبة و ساحرة !..

و أنّه بامكانها أن تتحوّل
 الى غيمة صغيرة ماطرة
 تعلو وتشمخ بنا
 عند النّجوم العالية !

هناك  ،، 
في ذاك السّموق ..
محتمل جدّا ،،
أن تنبت لنا أجنحة ،،
فنمضي نسورا ،، تحلّق بالحرف
لتبلغ  به عنان السماء !

 كنت أنظر للشّعر بعين حالمة
عزف جميل .. بوقع عذب ..
وجنته مشرقة ..
 كنت لا أرى من القصيدة ،،
إلاّ ضياءها !..

لم أكن أعلم إلى أيّ حدّ
 يمكن أن تكون القصيدة
 مُرّة ..  داكنة .. و قاتمة !
 مَرار بطعم الحنظل ،،
وقتوم  لا حدّ له !

لم أكن أعلم إلى أيّ مدى
يمكن أن  تكون القصيدة
 مرعبة !.. 
 عنيفة !..
وقاسية!..

رعب شحذ سكّين ،،
على الحنجرة !
أو غرس  خنجر،،
 وخضّه في جرح 
ينزف في الخاصرة !

حين كنت طفلة صغيرة ،، 
كم كنت غشيمة و ساذجة !!

لم أكن أقدّر إلى أيّ حدّ
يمكن للقصيدة أن تكون
 موجعة !

ترنيمة آهات
وصبٌ غدفٌ ..
و جرح غائر ..
لا يجفُ نزفه ولا ينضب !..

ولم أكن أقدّر إلى أي حدّ
بإمكان القصيدة أن تكون
تنّور نار  يعجّ في الرأس !!
زلزال  غضب .يهزّ الكيان !!
بحمم بركانية  داكنة !!

لم أكن أعلم كلّ ذلك ..
 إلى أن كتبت !!

                   بثينة هرماسي

التاريخ - 2019-12-30 8:37 PM المشاهدات 842

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا