مذكرات قلم للكاتبة كارمن برشين

مذكراتُ قلم 
أنا الناطقُ الرسميُّ باسمِ معشرِ الكُتّاب وأنا المعبّرُ عن مشاعرِ القرّاء ..تتسربُ الأرواح عبر حبري إلى الورق ..على درايةٍ بمشاعرِ مالكتي من صغرها وحتى الكبر ..
أنا الذي تصرخُ من خلالي دونَ صوت .
حينَ أمسكتني و رصّت أصابعها على عُنقي كانت تكتبُ عن خيبتها بطريقةٍ أبهى من النحيب ..جعلتْ من نحيبها خاطرةً يتغنّى بها قارئها ..
أنا الذي ينزفُ دمي على أوراقهم دونِ همس لأُسطّر المشاعر التي لا تُقال ..أمسكتني حيناً غارزةً أظافرها في صدري وبكت ناشرةً بينَ السطور رِثاءْ ..
وراقصتني مرة بين أصابعها بخفةٍ وكتبت أحاديثَ الغرام ..
أبوحُ لكم الآن بأسرار مالكتي ..أنا خائنٌ بلا فَمْ .
أنا الذي أتحدثُ كلَّ لغةٍ من عربيةٍ وأجبيةٍ وإنسانية ..لغةُ المحبةِ ولغةُ القمعِ والأنانية ..الاستعماريةَ والروحيةَ والسلميةَ وكلّ لغةٍ على أرضنا المنسية .
متمحورٌ جانبها كظلها ..انتشلتني لوهلةٍ من مكاني ورمتني أرضاً من شدة الهلعِ كانت عاجزةً عن كتابة حرفِ واحد ..ولوتني نصفين كاسرةً أضلعي عند فشلها في خربشةِ أفكارها الشبهَ ممزقة ..لليلةٍ كاملةٍ أوقفتني على سطحِ ورقةٍ جليديٍّ ..ساكناً دون حراك لتعاقبني وتعاقب عقلها ..
نفذت أوامرها دون تذمر ..وبالمقابل سحبت الكلام المكنونَ في روحها ولونت به سطح ورقةٍ بيضاء ..
ندوبُ جسدي تحكي حكاياها والقصة من البداية الى النهاية ..أنا المُضحّي الكاذب ..السارق والمُستغل ..
أمتص جنونها والفرحَ والحزن ..الحُبَّ والطمأنينة والحياة من عينيها ..اسحب روحها وأسجنها بين قضبانِ أوراق الدفاتر لأُمتعَ غيرها بنصوصٍ تنبض بالجمال ..والآن أفضحُ خباياها ..
أنا الخائنُ الوفيُّ الأول ..سارقٌ بلا وجه ..إنهُ أنا نعم .
أنا القلم .
#كارمن_برشين