شبكة سورية الحدث


محاولة للنجاة بقلم الكاتبة غفران الشامي

محاولة للنجاة بقلم الكاتبة غفران الشامي

"محاولةٌ للنجاة" 
استيقظتُ مُتأخرةً، شربتُ قهوتي على عجلٍ مع دندنةِ فيروز، غيرتُ ملابسي بسرعةٍ وهممتُ بالخروجِ بعد ما سمعتُ دعواتِ أُمي 
في طريقي إلى عملي كان عقلي مشوشاً؛ مع ذلك حاولتُ أن اصطنع الوجهَ اللطيف
لوحتُ كثيراً للأطفال، ابتسمتُ للعابرين، كنتُ أسهرُ اللياليَّ و أنا أصارعُ أفكاراً وأهرب منها، هجرني ألفَ صديق، عشتُ نكباتٍ أزليةٍ مع ذاتي فتم خداعي.. 
صُعقتُ ونهضتُ بكاملِ قوايَّ، تلقيتُ خيباتٍ كثيرة، وعدتُ أقوى ممّا سبَق..
ما إن وصلتُ إلى عملي، قلتُ بيني وبين ذاتي :
" ما هذا اليوم اللعين"!!! 
مهمةُ التحرير و مراجعة المقالات والردُ على رسائلِ البريد الوارد والأهمُ من هذا كُلَّه مُهمتي بكتابةِ إصداراتٍ جديدة تليقُ بقراءِ جريدتنا.. 
في هذه الأوقات لم يعدْ بوسعي أن أفكر بماهيةِ تقلباتي، عن الماضي و عن الحاضر و عن الذي تغيرَّ بينهما، سأكون حتماً مشغولةٌ بالأوراق المحاطة بالأقلامِ ولا مجال لي لتفكير فيها

لقد تعودَ قُرائي أن يقرؤا لي مقالاتٍ و أخباراً تمسُ الشأنَّ  السياسي للبلد، لكن قبل فترة تغير توجه قلمي فأصبحتُ لا أكتبُ عن السياسةِ إلا القليل.. 
تذكرت أمي التي نبهتني مراراً و تكرارً على أن لا أقرأ للسياسةِ أو حتى أكتبَ عنها لأنها كانت تخافُ أن أموتَ وأنا أدافعُ بقلمي عن وطنٍ جائع.. 
وعن شعبٍ مريضٍ يعاني الويلاتِ، فلا يجدُ من الوطن سوى حفنةَ ترابٍ يُداري بها موتاه ويُبكيهم قهراً، لكنني لم  أخشَ الموت يوماً، لقد كنت أخشَ سابقا أن يبعدوني عن أمي بتهمٍ مزورةٍ.. 
أما الآن فلست أخافُ شيئاً، أولئك الذين كانوا يخافون عليَّ أخذهم الموتُ مني دون إشعارٍ مُسبق فأصبحوا تحتَ الترابِ. 
الخوفُ من الموتِ ليس  سبباً لتغيرِ قلمي عن الشأنِ السياسي المتأزم للبلاد و الانزياح للمجالِ الأدبي الفريد.
لقد كان شيئاً آخر لعبَ دوراً هاماً في هذا التغيير. 
شيءٌ أكثرُ قوة من مجردِ الإحساس بالخوف...
كلمةٌ لا وجودَ لها بالمعجم.. 
#غُفران الشامي

التاريخ - 2020-03-25 4:06 PM المشاهدات 983

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا