شبكة سورية الحدث


الطريق المزدحم بقلم الكاتبة نتالي دليلة

الطريق المزدحم بقلم الكاتبة نتالي دليلة

أمشي في الطريق المزدحم بالوجوه المقنّعة ، عاريةَ الوجه ، فاقدةَ القناع .. 
يقرأون مشاعري ، يسممّون وجداني ، يبتسمون في وجهي ابتسامة مبطنة بالخبث الداخلي ...
 أركض هاربةً من هذا المكان .. باحثةً عن وجهٍ يشبهني .. وجهٍ بلا قناع .. أركض خائفةً ضائعة ..و لكن كلّ ما أراه هو تلك الأقنعة المبطنة بالخفايا .. إنّهم يهاجمونني .. لا ألبث أن أرى عشرات الأيدي تشدّ أجزاءً من جسدي المرتعب .. فأغمض عيناي حين أدرك أن لا مفرّ منهم .. فهم في كل مكان .. في كل زمان .. قلبي يبدأ بالخفقان .. 
هدوءٌ غريب يعمّ المكان .. أفتح عيناي فلا أجد شيء .. لا وجوه عارية .. ولا حتى مقنعة .. لا شيء سوى الظلام الدامس الفارغ المملّ .. أنظر إلى جسدي فأرى بصمات تلك الأصابع المتوحشّة ، أرى خدوشاً في كل مكان ، أتعثّر في هذا الظلام بشيء غريب .. ألمسهُ فأجدهُ لزجاً و نابض .. أضع يدي على صدري .. النبض غائب .. عندها أدركت أنّ ما تعثّرتُ به و ما أحملهُ الآن في يدَيْ العاريتين هو ذاتهُ قلبي ..
قللي الذي  قررّ تركي و الانفصال عن جسدي الذي لا حول له ولا قوّة .. حمايةً لي من تلك الأقنعة.. التي عادت للظهور .. 
ها أنا ذا ..أجلس وحيدةً على الأرض الباردة .. أحدّق في قلبي النابض ببطءٍ شديد .. 
تحاول تلك الوجوه المقنّعة مهاجمتي مرة أخرى إلا أنها كلما مدت مخالبها لتزرع السمّ في كياني الضعيف.. اخترقتني ..
أجل .. لقد أصبحتُ لامرئية لتلك الوجوه المفترسة .. فبعد أن أسقطت قلبي مني .. حاولت من جديد ..إلا أنه لم يتبقى ما تسقطهُ .. 
ها أنا ذا .. أجلس وحيدةً على الأرض الباردة .. أشاهد الأقنعة تهاجم بعضها .. ها أنا ذا .. كما ولدتُ .. كما عشتُ .. كما سأبقى
-نتالي دليلة

التاريخ - 2020-03-25 6:21 PM المشاهدات 843

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


كلمات مفتاحية: وحيدة الطريق عشت
الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم