شبكة سورية الحدث


أدب رسائل بقلم الكاتب عبدالله غياث قطان

أدب رسائل بقلم الكاتب عبدالله غياث قطان

بتاريخِ ٢٠-١٢_٢٠١٩  الذي لا يعنينا كثيرًا أكتبُ لكِ.
من بين ركامِ الحجارة وألمِ الطبيعة داخل جسدي.
كيفَ حالُ بساتينكِ الخضراء وأحيائكِ المليئة بالجمالِ والأناقة، كيفَ حالُ قاسيون الشامخ!؟
أما زالَ ينسجُ رسالةَ غزلٍ لكِ بنسيمِ هوائه المعبَّقة بأنفاس العشاق الواقفين على أطرافه ليلًا يحصون عدد النجومِ بحبٍّ ووقار..!!
لقد زادتِ المسافاتُ بيني وبينكِ رغمَ أننا ما زلنا في مواقعنا السابقة، كم أودُّ أن نعود إلى سابقِ عهدنا يا عاصمةً خطَّتْ ملامحها بحروفٍ من ذهب منذ الأزل، إنَّ أحيائي متعبة ومياهي ابتعدتْ عن البيوتِ المشكلة لجسدي المهترئ، لقد فقدتُ الكثير من صفاتي الفاتنة، وزادَ ألمي بمغادرةِ الكثير من سكَّاني وكأنَّنِي أمٌّ تبكي أبناءها إثرَ فقدٍ دون جلسةِ وداع، جسدي المنحني يتكلم عما يدور في خلدي من خلالِ صوري المتداولة بين الساعةِ والأخرى، أقفُ أمَامَ المرآةِ فاجدُ وجهًا شاحبًا، وظهرًا حناه ثقلُ الدهرِ، يرسمُ علامات البؤس على ملامحي، لقد باتَ نهاري كتلةً من الصمتِ وبداخله كلَّ أساليبِ الضجر والتعب، وليلي مظلمٌ يفتقدُ للنورِ الذي تتزينُ به أزقتي، أمَّا أراضيّ فهي مريضةٌ رغمَ الدماءِ الطاهرة التي ترويها بسخاءٍ، لا تسعفني الكلمات في التعبير عن المشهدِ الذي أنا به، سأكتفي بقولٍ يحزُّ في قلبي /سأحيا عندما تعودُ الحياة لأبنائي، وسأنسى ألمي حين أعانقهم دون مشاهدِ العذاب التي يعانون منها اليوم/
أختكِ الجالسة في الجزء الشمالي من جسدِ أمِّنا سوريا.
......
إنه يومُ الأحد ١-٢-٢٠٢٠ بالتاريخ الذي ذكرتيه أعلى رسالتك أكتبُ لكِ.
لقد توزعتْ جرعةُ الألمِ بيني وبينكِ وبين أخواتنا داخلِ جسدِ أمنا سوريا، فلستُ أعلمَ أَأكتبُ لكِ بدموعي أو بحسرتي التي أعاني منها في هذه الأيام، لقد زاد الوجعُ ألمًا، ونقصت المواردُ داخلي مما سبب الكثير من سبلِ الجوع والحرمان اللذين يعانيان منهما أبنائي، أو جزء من أبنائي لأنني أيضًا أفقد الكثير منهم، لقد سحبت رياحُ الحربِ عائلاتٍ بأكملها خارجَ جسدي المتعب، أما شبَّاني فقد عبث بهم غبارُ الموتِ، ونالت من بعضهم ثعابين الإحباط وفقدان الأمل، والبعض الآخر يئنُّ كريمٍ ضربَ بمخالبِ مفترسٍ يتغذى من بؤسهم، أصبحتِ البساتين خاويةً من الحياة، قليلة العطاء، كثيرة الأمراض، أمَّا قاسيون ما زال شامخًا يواجه ألم الفقد الذي أعاني منه، وأحيائي غارقة في التفكير من أجلِ تأمينِ لقمة عيشٍ تغذي الجياعِ وتملأ الوجه نضارة بعد شحوبٍ دامَ لسنواتٍ معدودة، فقدتُ ضحكةَ الاطفال، وعزمَ الشباب، لقد باتتِ الدموع شديدةَ الملوحة، وقنواتها صلبة إثر الوجعِ الدائم، كجسدٍ يعاني من مرضٍ خبيث جرحتْ إحدى أعضائه جرحًا طفيفًا لا يسكّنُ الألمَ الشديد، تذوَّقتُ طعم الكهولة من كأسِ الأنين، إنَّ الياسمنَ يبكي، والجوري باهتَ اللونِ، أمَّا الخضار الذي يحيط بي أصبحَ أصفرًا ينهشُ جذور ذلك الخضار، إنِّي أقاسمكِ جلَّ أنواعِ العذاب وأقول كما قلت فيِ آخرَ رسالتكِ لأنَّنِي الذراعُ اليمنى وأنتِ الذراع اليسرى، فلترحمي تأخري بالرد عليك فقد أتعبتنا المسافات.
#أدب_رسائل
#عبدالله_غياث_قطان

التاريخ - 2020-03-26 1:42 PM المشاهدات 1476

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا