شبكة سورية الحدث


لم أعد صغيرة يا أمي بقلم الشاعرة نور ماهر جعفر

لم أعد صغيرة يا أمي بقلم الشاعرة نور ماهر جعفر

لم أعد صغيرة يا أمّي..

عندما مررتُ بجانب منزل جارتنا العجوز، وقدماي تتسابقان لألحقَ الباص، صدقاً لم أنتبه للجارة وإلّا لكنتُ ألقيت التّحيّة، سمعتُها وهي تحادثك بأنّي كبرتُ وأصبحت قليلة أدب وليس لديّ أدنى احترام للأكبر منّي سنّاً، صدقاً لم أرها إطلاقاً، عندها تمنّيت لو أنّي لم أكبر.

عندما كنّا في إحدى الجلسات العائليّة، واشتغلت إحدى أغانيّ المفضّلة الصّاخبة فرُحتُ أغنّي وأتراقص مع لحنها حتّى وجدت إحداهنّ ترمقني بنظراتٍ مخيفة، كأنّ هذا قلّة حياء كما أسمتهُ هي، هذه العفويّة للأطفال فقط يا أمّي، تبّاً ليتني لم أكبر.

في إحدى أزقّة الحيّ المُجاور، كان هناكَ شابّان يتغامزان بجواري بينما أمرّ هناك كلّ يومٍ مع إلقاء النّكات التّافهة والسّخيفة والضّحك بشكلٍ هستيريّ، كنتُ أتجاهلهما وأتابع سيري حتّى طفحَ كيلي منهما يومذاك، فقلت لهما بصوت مرتفعٍ والغضب يتصبّب من مسامات جلدي: "كُفّا عن هذا أيّهما الوقِحان" فضحكا أكثر، ليس هذا ما أزعجني! بل صوت إحداهنّ وهي تقول من شبّاك بيتها: "إن كان هذا يزعج حضرتكِ فلا تمرّي من هنا مرة أخرى، وتعلّمي أن تُخفضي صوتك إن مررتِ من هنا مجدّداً" ، يعني لو كان هناك طريق آخر هل تظنّني تلك الذّكيّة أنّي كنت سأمرّ من هنا؟
ليتني لم أكبر ولم أرَ خلقةَ هذين الشّابَّين قَط.

لم أعد صغيرةً يا أمّي، هذا صحيح!
لكن لم يتغيّر شيء مما تربّيتُ عليه، وملامحي الطّفوليّة تعكس ما في قلبي من مشاعري الحقيقيّة الّتي ظنّوا أنّ تقدّم العمر قد محاها.

|نور ماهر جعفر|•

التاريخ - 2020-03-30 2:05 PM المشاهدات 1634

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا