في دائرة لا يتجاوز قطرها 200 متر في شارع الثورة بدمشق يوجد سوق يسمى "سوق الحرامية" حيث درجت التسمية عليه منذ عشرات السنين، ويعود وجود السوق إلى حوالي 25 سنة مضت، وكان في السابق جزءا من سوق الهال القديم، قبل تحوله بشكل تدريجي إلى ما يسمى اليوم "سوق الحرامية" واشتهر ببيع المسروقات، ليتحول لاحقاً إلى سوق للبالة والأدوات المستعملة.
ورغم نفور الكثيرين من تسمية السوق سوق الحرامية إلا أنه يتردد يومياً لبيع وشراء بعض الألبسة القديمة والأغراض المنزلية التي تباع بأسعار رخيصة لكن هذا السوق مع مرور الوقت بات مصدر ازعاج حقيقياً في منطقة تواجده كما أن التوزع العشوائي للبسطات بشكلها الحالي والفوضى التي تسود المكان جعله بؤرة لا تليق بمجاورة المدينة القديمة في وسط العاصمة كما لا يخلو يوم من حدوث مشاجرات ومشكلات نتيجة المضاربات التي تحدث بين الباعة في الأسعار، حيث يتفق الباعة على سعر محدد لكل قطعة ولكن البعض يخرق هذه الاتفاقات لتشتعل الخلافات وتتسبب بالعديد من الحوادث نظرا لعدم تنظيم هذا السوق وعدم وجود جهة تشرف عليه بشكل مباشر.
وقامت محافظة دمشق مؤخراً ببناء سور لعزل السوق عن منطقة المشاة والسيارات للتخفيف من الاختناقات المرورية لكن هذا السور تحول إلى بؤرة لرمي القمامة من أمتعة وأغراض قديمة غير قابلة للاستعمال وبقايا الخضار والفواكه الفاسدة ومكان لقضاء حاجة أصحاب البسطات والسائقين.
المحافظة وعلى لسان عضو المكتب التنفيذي المحامي فيصل سرور صرح أن هذا السوق تابع لتنظيم غرب سوق الهال القديم وهي منطقة استملاك لشارع الملك فيصل التي تمتد كمرحلة أولى من هذه المنطقة انتهاء بباب السلام ومدخل باب شرقي، حيث كان من المخطط لهذا الشارع أن يبدأ بشارع الثورة وينتهي بباب شرقي دون المرور بساحة التحرير وشارع بغداد وباب توما، الا أن ماحصل حسب سرور أن هذا الشارع اعتبر شريحة اثرية مسجلة في اليونسكو ولذلك تم توقيف المشروع نهائيا وتوقف الاستملاك في هذه المنطقة والبيوت الموجودة في هذه المنطقة لاتزال ترزح تحت وطأة الاستملاك لم تستطع المحافظة حتى الآن حلها، لأن الأمر يحتاج إلى معالجة قانونية كبيرة وتخطيطية وتنظيمية.
وأضاف سرور ان هذه المساحة التي يشغلها اليوم مجموعة من أصحاب البسطات المتواضعة التي تبيع اشياء مستعملة ورخيصة في ما يسمى سوق الحرامية نحن سمحنا في عام 2004 بوضع بسطات مؤقتة للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة الفقراء لوضع بسطات صغيرة والترزق من ورائها لتأمين قوتهم اليومي ،موضحاً أنه في الدراسة الأخيرة للمنطقة التي وضعت منذ ثلاث سنوات تم تخصيص مكان سوق الحرامية الحالي كمكان للبسطات المجانية ولكن لم تنته حتى الآن هذه الدراسة والتي هي عبارة عن مشروع تجميلي يصطدم بعدة عوائق لوجستية وعمرانية وقانونية ونحن حاليا بصدد الإسراع بحلها والمباشرة بتجميل هذا الموقع.
فلم كل هذا التأخير في إنجاز تجميل السوق وجعله متاحاً لكسب لقمة العيش بشكل لائق ونظيف يحفظ ماء وجه اولئك البسطاء الذين يحاولون الصمود في وجه الغلاء وصعوبة الوضع المعيشي نتيجة ظروف الحصار التي تمر بها بلادنا؟!.
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا