أكد سفير الهند في سورية الدكتور حفظ الرحمن، أن العلاقة بين جمهورية الهند والجمهورية العربية السورية كانت وما زالت علاقة ودية ومتينة وراسخة الجذور، حيث تمثل الجمهوريتان حضارتين قديمتين، وقد صمدت العلاقات الثنائية لاختبار الزمن خلال تسع سنوات من الحرب في سورية.
السفير الهندي وفي مقابلة صحفية أشار إلى أن الحكومة الهندية مازالت تساند وتؤيد موقف الحكومة والشعب السوري في حربهم ضد الإرهاب بكل أشكاله، مؤكدة احترامها لسيادة سورية ووحدة أراضيها، معرباً عن تقدير بلاده لموقف القيادة السورية التي تؤيد موقف الحكومة الهندية في حربها ضد الإرهاب، من وراء الحدود، معتبراً أن كلا البلدين ضحايا لهذا الإرهاب الشنيع.
وأشار سفير الهند في دمشق حفظ الرحمن، إلى الهدية الطبية التي قدمتها بلاده قبل أيام إلى سورية والمتمثلة بنحو عشرة أطنان من اللقاحات والأدوية لمساعدة الحكومة السورية للتخفيف من أزمة “كورونا”، مؤكداً أن هذه المساعدات ستستمر وهي جزء من تعاون بين البلدين باسم الصداقة.
السفير حفظ الرحمن عبر عن تفاؤله بمستقبل العلاقات بين سورية والهند وقال: “إذا كان لنا ماضي وحاضر رائع، فلا مجال للشك في المستقبل، لأن مستقبل العلاقات سيكون بلا شك واعداً ومزدهراً، فالعلاقة هي بين شعبين وبين حضارتين، وليس فقط بين الحكومتين”.
وفيما يلي نص المقابلة كاملاً:
موقف الهند تجاه الحرب التي تقودها سورية لمواجهة الإرهاب بدا واضحاً منذ البداية، لكن سورية تتعرض اليوم لحرب وحصار اقتصادي، كانت آخر تجلياته قانون “قيصر” الأميركي، كيف تنظر الهند لمثل هذه الخطوات التي يدفع ثمنها الشعب السوري؟
العلاقة بين جمهورية الهند والجمهورية العربية السورية كانت وما زالت علاقة ودية ومتينة وراسخة الجذور، حيث تمثل الجمهوريتان حضارتين قديمتين، وعندما ننظر إلى تاريخ العلاقات نجد أن نطاق التعامل بين الدولتين من خلال روابط اجتماعية واقتصادية وثقافية وعلمية وأكاديمية، وفي التاريخ المعاصر شهدت الدولتان تبادلات ثنائية على أعلى المستويات وهي لعبت دوراً بارزاً في توسيع آفاق التعاون في مختلف المجالات.
لقد صمدت العلاقات الثنائية لاختبار الزمن خلال تسع سنوات من الحرب في سورية، حيث اتخذت الهند موقفاً مبدئياُ بشأن حل النزاع بطريقة غير عسكرية، وذلك من خلال عملية سياسية شاملة بقيادة سورية، وتؤكد الهند احترامها لسيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها.
الهند واصلت الإبقاء على سفارتها في دمشق ولم توقف السفارة عملها في ذروة الأزمة حتى ليوم واحد، وأبقت التمثيل الديبلوماسي على مستوى سفير، وهذا خير دليل على متانة العلاقة والصداقة بين البلدين، كما أعربت الهند عن قلقها العميق من الهجوم العسكري الذي شنته تركيا في شمال شرق سورية في شهر تشرين الأول من العام الماضي، حيث دعت الحكومة الهندية تركيا إلى احترام السيادة والاستقلال ووحدة الأراضي السورية.
عبر التاريخ وجدنا سورية دائماً تقف وتؤيد المواقف الهندية في المحافل الدولية والإقليمية، والعلاقات الثنائية من سورية كانت وثيقة وقوية جداً، وسورية ما زالت تواصل دعمها لجميع الترشيحات الهندية في المحافل الدولية، كما دعمت ترشيح الهند للعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي، وتقدر الهند موقف القيادة السورية التي تؤيد الحكومة الهندية في حربها ضد الإرهاب من وراء الحدود، وكلانا ضحايا لهذا الإرهاب الشنيع، وندرك جيداً بأن الإرهاب يشكل خطراً كبيراً على البشرية كافة .
وصلت قبل أيام شحنة مساعدات طبية مقدمة من الهند إلى سورية، وتبدو هذه الشحنة محملة ليس فقط بالمساعدات الإنسانية الطبية وإنما برسائل أخرى مرتبطة بطبيعة العلاقات التي تجمع سورية والهند، نسأل عن هذه الرسائل؟
من مبدأ الصداقة المتينة بين سورية والهند وباسم هذه الصداقة قدمت حكومة الهند هدية إنسانية متواضعة، للشعب السوري الصديق من خلال شحنة طبية وهذه الشحنة كانت 10 أطنان من اللقاحات والأدوية المختلفة الضرورية خلال هذه الفترة.
وكما نعلم جميعاً فإن العالم بأسره يمر اليوم بأزمة صعبة بسبب الوضع الناتج عن تفشي فيروس “كورونا: وعلينا أن نبذل جهوداً مكثفة ومشتركة من أجل احتواء هذا الوباء، وأنا متأكد أن هذه المساعدة الطبية المتواضعة ستسهم في إنجاح جهود الحكومة السورية الصديقة في التخفيف من هذه الأزمة.
كما تعلمون فنحن في الهند نحاول الحد أيضاً من انتشار فيروس “كورونا” مثل باقي دول العالم، وأود تقديم الشكر والتقدير للحكومة الهندية وخاصة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ووزير الخارجية الهندية سوبرامانيام جيشانكار ، لتقديم هذه الهدية الطبية إلى الشعب السوري الصديق في هذه الفترة الحرجة، كما أقدم الشكر والامتنان إلى الحكومة السورية، وأخص بالذكر وزارة الخارجية والمغتربين ووزارة الصحة ووزارة النقل.
وأقدم شكري وتقديري لنائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد، ومعاون وزير الصحة أحمد خليفاوي، لوجودهم في مطار دمشق الدولي عند وصول الطائرة، واستقبالهم الشحنة الطبية يوم الخميس الفائت.
هل سيكون هناك مساعدات إنسانية أخرى من الهند لدعم سورية وخصوصاً في ظل هذا الحصار الذي تتعرض له؟
أنتم تعرفون أن هذه الهدية الطبية الهندية ليست الأولى بالنسبة للتعاون بين البلدين، في بداية هذا العام قام فريق من الأخصائيين المحترفين بزيارة إلى دمشق وتركيب أطراف اصطناعية لأكثر من 500 من الأخوة والأخوات السوريين من جرحى الحرب، كمساعدة إنسانية للشعب السوري الصديق، وكذلك جاءت احتفالاً بمرور 150 عاماً على ولادة المهاتما غاندي، رمز الإنسانية والحب والسلام في العالم كله وتجسيداً للعلاقة العميقة والتاريخية بين البلدين.
قام فريق من الأخصائيين المحترفين من الهند بزيارة دمشق وبتركيب أطراف اصطناعية لأكثر من 500 من الأخوة والأخوات السوريين من جرحى الحرب كمساعدة إنسانية من حكومة الهند إلى الشعب السوري الصديق وذلك احتفالاً بالذكرى 150 لميلاد المهاتما غاندي اﻷب الروحي للهند ورمز الإنسانية والحب والسلام للعالم كله، وتجسيداً لعلاقة الصداقة العميقة والمتأصلة في جذور التاريخ التي تربط الهند والجمهورية العربية السورية وفي إطار التعاون الوثيق بين البلدين.
حكومة الهند قدمت خلال العامين السابقين منحاً دراسية ضمن برنامج “الدراسة في الهند”، وقد استفاد منها حوالي ألف طالب وطالبة من الجمهورية العربية السورية في جميع المجالات الدراسية من الاقتصاد والإدارة والعلوم والتكنولوجيا واللغة والآداب الإنكليزية وما إلى ذلك من العلوم المعاصرة وفي أشهر الجامعات والكليات الهندية على مستوى الدراسة الجامعية والماجستير والدكتوراه كما وفر المجلس الهندي للعلاقات الثقافية منحاً دراسية في جميع المجالات التعليمية للطلاب والباحثين السوريين في ميادين الثقافة والموسيقا والرقص واللغات واﻵداب والعلوم والتكنولوجيا، وما إلى ذلك على مستوى شهادة الماجستير والدكتوراه في أشهر الجامعات الهندية وقد تخرج عدد كبير من السوريين في الأعوام المنصرمة منذ أكثر من أربعة عقود .
وإضافة إلى ذلك ، تقدم حكومة الهند لسورية الصديقة كل سنة (100) منحة تدريبية قصيرة المدى من شهر إلى ستة أشهر وهي للموظفين والمديرين في مختلف الوزارات والمؤسسات والمعاهد السورية، ضمن برنامج التعاون الفني والاقتصادي الهندي التابع لوزارة الشؤون الخارجية الهندية منذ أكثر من 55 سنة ،ووقّعنا اتفاقاً لإنشاء مركز لتقنية المعلومات، ومن خلال هذا المركز وبالتعاون مع وزارة الاتصالات والتقانة، سنقوم بتدريب المتدربين في تقنية المعلومات على أعلى المستويات، وكل الأجهزة والمعدات وحتى الخبراء سيأتون من الهند، وسيتم افتتاحه بعد أن تنتهي فترة وباء “كورونا” لأن كل شيء بات معلقاً لهذا السبب، نحن جاهزون ومستعدون لافتتاح هذا المركز الذي سيسهم في بناء الكوادر الخاصة في مجال تقنية المعلومات وهي مطلوبة في سورية في القطاعات الحكومية والخاصة كافة.
سبق وتحدثت سعادة السفير عن اجتماع قد يعقد للجنة العمل المشتركة الهندية السورية الثالث هل من تحضيرات قائمة لعقد هذه اللجنة قريباً؟
من سوء الحظ تأخر انعقاد الاجتماع للجنة العمل المشتركة الهندية السورية الثالث بسبب جائحة “كورونا”، وكنا حضّرنا ودرسنا إمكانية توقيع عدة اتفاقيات تعاون في مختلف المجالات في إطار هذه اللجنة، ونحن بانتظار انعقادها لأن انعقادها ضروري ومهم جداً للتقدم بالعلاقات إلى الأمام، حيث جرى البحث في عدة مشاريع لها طابع اقتصادي وثقافي، وحتى إعلامي.
كيف تنظرون لمستقبل العلاقات بين الهند وسورية خلال الفترة القادمة؟
أنا ذكرت أشياء كثيرة بالنسبة للعلاقات الثنائية في الماضي وفي الحاضر وإذا كان لنا ماض وحاضر رائع فلا مجال للشك في المستقبل، لأن مستقبل العلاقات سيكون بلا شك واعداً ومزدهراً فالعلاقة هي بين الشعبين وبين حضارتين وليس فقط بين الحكومتين، ونجد أن الشعب السوري يحظى بتقدير كبير في الهند، وهذا الأمر نراه أيضاً في سورية، فالشعب السوري يكنّ كل تقدير للشعب الهندي، وعندما أخرج من سفارة الهند في منطقة أبو رمانة باتجاه ساحة الأمويين، نجد أن الخط الرئيس هو باسم رئيس الوزراء الهندي الأسبق “جواهر لال نهرو”، ولذلك يمكن القول إن للهند جذوراً في سورية، ولسورية جذور في الهند، لذلك نجد أن الشعبين متمسكان بالصداقة بينهما.
ومن واجب السفارات العمل دائماً على تطوير وتوسيع وتوثيق العلاقات بين البلدين لأن كل العناصر متوافرة، وأنا كممثل لحكومتي سأبذل كل جهد لتطوير العلاقات بين بلدينا، وأنا سعيد جداً بوجودي في سورية لأعمل على المزيد من توسيع العلاقات بين بلدينا فهناك أسس قوية لهذه العلاقات.
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا