استطاع الفنان الفرنسي سكارف تحويل جدران منازل ومصانع مهجورة في فرنسا إلى لوحات ضخمة ثلاثية الأبعاد، مستعيناً بفن الغرافيتي، لرسم ديناصورات وثعابين وكائنات أسطورية.وعلى النقيض ممن يشوهون الجدران بالكتابة والرسم والتعليقات غير اللائقة، يقوم الفنان الفرنسي بعمل العكس وإضافة قيمة فنية إلى تلك البنايات المتداعية.
وتتميز رسومات وجداريات سكارف بأنها ثلاثية الأبعاد، دقيقة التفاصيل، تفيض بالحياة، قريبة للحقيقة، تشعر وكأن مخلوقاتها تحزن وتفرح وتتحرك، تخترق الجدران وتتفاعل مع المارة والمشاهدين، وتتمرد على المكان
ورغم أن ما يفعله الفنان غير قانوني، إلا أن جمال أعماله ولوحاته الجدارية أكسبته سمعة طيبة، وجنبته أية متاعب قانونية أو اجتماعية.
يرسم الفنان كائنات أسطورية ضخمة مثل الثعابين الشرسة والديناصورات والجماجم البشرية، وأدوات وأيقونات ثقافة البوب، وصور بديعة ثنائية وثلاثية الأبعاد وكأنها تنادي وتناجي المشاهد لكي يلقي نظرة متعمقة عليها.
كما يستدعي الفنان الشخصيات الأسطورية في روائع هوليوود ليبثها على جدرانه المتهالكة ويضفي عليها لمسات من الدراما، وكأنه ينتزعها من سياقها الفني، ويخرجها من السينما إلى الشارع في نزهة بلا عودة.
الطريف أن سكارف يتفاعل مع جدارياته ويشكل معها جزءاً من المشهد البصري الأخاذ بحرصه على التقاط صور فوتوغرافية له وهو يتكامل مع اللوحات، ويضع نفسه كعنصر لا يتجزأ من اللوحة، وذلك لكي يضفي على تلك المشاهد ملمحاً واقعياً يقنع العيون.
يجلس الرسام الفرنسي أمام فيل وليد، أو يتعارك مع أفعى ضخمة أو يحاول ترويض تمساح، أو يهمس لسبايدرمان ويحاور، مضيفاً لمسات من الدعابة والطرافة والجاذبية.
ويحاول أن يضع تفاصيل دقيقة لكي يجعل اللوحة تبدو طبيعية نابضة بالحياة قدر الإمكان، لذا، فإن استخدامه للظلال والزوايا والمنظور والتأثيرات الفنية يسمح له بإنشاء صور خداع بصري تستفز العقل والوجدان.
وتنبئ اللوحات أن المدرسة الوحيدة التي التحق بها سكارف هي الطبيعة التي يستلهم منها معظم أفكاره ورسوماته، ويدمجها مع خياله الواسع وخلفيته الثقافية ومخزونه الحضاري، بصورة تلقائية.
والحقيقة أن الفنان بالفعل لم يلتحق بأية مدرسة فنية، وهو يعترف بذلك: «لم أدرس الفن في أي معهد أو مؤسسة، بدأت وأنا في الـ18 من عمري الذهاب إلى البنايات المهجورة والمصانع والشوارع، واستلهمت ذلك الفن وأحببته من صديق فنان لي نقل لي شغفه به».
ودفعه حبه لفن الشوارع والغرافيتي إلى تأسيس شركة خاصة به هي «غرافو ديكو»، تقدم خدمات فنية للعملاء، وتعرض استشارات ولوحات ومقترحات على إنستغرام، حيث استقطبت صفحته أكثر من 125 ألف متابع ومعجب، يحرصون على متابعة أحدث لوحاته ونزواته الفنية.
وما بين الديناصورات الضخمة والأسود التي تحتاج لترويض، والجماجم التي تحكي مآسي أصحابها وقصصهم، والثعابين الأسطورية، يمضي متابعو الصفحة أوقاتهم مع ريشة الفنان وخياله الخصب وإبداعاته التي تتحدى القبح والرتابة.
ورغم روح الدعابة والتمرد يبدو سكارف متصالحاً مع المجتمع، كل ما يهمه هو التعبير عن خيالاته وفنه التعبيري، والتعبير عن الجمال في الشوارع وعلى الجدران.
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا