إشكالية المال العام والخاص
بقلم : الدكتور دريد درغام
تستحق سلوكيات هدر المال أو تفويت الأرباح ملاحقة المسؤولين عنها. وتطالعنا الصحافة دورياً بالاهتمام بقائمة القروض المتعثرة في المصارف العامة فقط..! وهنا لا بد من التنويه إلى ما يلي:
تعتمد المصارف على تجميع ودائع المدخرين لإقراضها وفق الأصول إلى جهات عامة أو خاصة. ولا يجوز -عادة- التشكيك بديون القطاع العام. بينما تحوم في سورية الشكوك حول ديون القطاع الخاص مهما كانت ملاءة المتعامل أو ضماناته العقارية.
إذا افترضنا أن مجموع رأسمال المصرف العام وودائع الجهات العامة لديه موجه عند الضرورة للقطاع العام، يكون تمويل معظم ديون القطاع الخاص من ودائع جهات خاصة. لذا يعتبر أي إخلال بأصول الإقراض هدرا للمال الخاص أكثر من المال العام. وحرص الجهات الإشرافية على المودعين لايعني متابعة المصارف ومجالس إدارتها بالقطاع العام دون مثيلاتها من الخاص الذي تجاوزت القروض المتعثرة في العديد من مصارفه مثيلاتها من القطاع العام.
يتواجد في المصارف العامة والخاصة سيولة غير مفعلة بمئات المليارات. وإذا بررنا لبعض المصارف الخاصة سلوكياتها التحفظية ووضع بعض ودائعها لدى مصارفها الأم، فكيف نبرر السياسات الوصائية التي منعت المصارف العامة من الإقراض طوال سنوات الأزمة. مما تسبب بفوات أرباح شبه مضمونة لا تقل عن عشرات المليارات بحجة المحافظة على السيولة.
أخيرا نذكر بما أشرنا إليه في زاوية سابقة حيث انخفضت قيمة رساميل المصارف العامة إلى خمس القيمة التي كانت عليها سابقاً بسبب انخفاض سعر الصرف. بذلك تكون قد خسرت هذه المصارف المليارات لأنها لم تكن تملك دولارات. بينما استطاعت معظم المصارف الخاصة الحفاظ على رساميلها لأن معظم رساميلها بقي بعملة الدولار. فكانت نتيجة السياسة النقدية الحالية أن ملاءة جميع المصارف السورية التي لا تتعامل بالقطع الأجنبي أصبحت أقل من ملاءة أي مصرف خاص..!
وإن استثنينا التعثرات ذات الطبيعة الخاصة لدى المصرف الزراعي نجد أنه خلال 2014 بلغ إجمالي تعثرات القطاع الخاص لدى المصارف العامة حوالي 30 مليار ليرة. بينما بلغت تعثراته لدى المصارف الخاصة ثلاثة أضعاف أي حوالي 90 مليار ليرة.
أخيراً كيف يمكن توزيعها الثناء أو التشجيع أو الملامة أو الإحباط بين:
1. مصرف زادت أرباحه عشرات أضعاف عما كانت عليه بينما متعثراته مضمونة ومجموعها أقل من ربح سنة واحدة.
2. ومصرف لا يتعثر لأنه لا يقرض ولا يربح.
3. ومصرف يخسر ويتعثر ويستفيد من تعديل الضوابط لتمديد فترة غض النظر عنه...
إنها أسئلة تصح على المصارف والشركات. ويتطلب الحرص على المال العام إعادة ترتيب الأولويات وعدم الإنشغال أو الإشغال بمناوشات وملاحقات "إعلامية" تلهي البلاد والعباد عن الجبهات الحقيقية.
التاريخ - 2015-06-05 2:49 AM المشاهدات 667
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا