خاص - سرقة المنزل أودت بحياة ماجدة و كشفت العلاقة
الآثمة بين الخادمة والأجير
محمد الحلبي
هي الحياة بحلوها
ومرِّها مكتوب علينا أن نعيشها, فمنا من يملؤها عملاً واجتهاداً, ومنا من يأتي
إليها ويغادرها وهو لا يدري لماذا خلق فيها, ومنا من يعيش فيها وحيداً أو يفني
عمره في خدمة غيره ليعود ويغادرها وحيداً دون أن يذكره أحداً ما.
ماجدة
كانت في السادسة
عشرة من عمرها عندما توفيت والدتها وتركتها وحيدة مع أربعة إخوة صغار, فقطعت
(ماجدة) عهداً على نفسها أن تفني عمرها لأجلهم حتى تراهم شباباً وخصوصاً أنها هي
من وقفت في وجه أبيها لمنعه من الزواج من غير والدتها على أن تقوم هي بترك الدراسة
وتعمل على خدمة إخوتها الصغار بالإضافة إلى القيام بأعباء المنزل... وفعلاً نزل
والدها عند رغبتها وتفرغ لأعماله قبل أن ينتقل الجميع من المنزل العربي الكبير
الذي يملكونه في منطقة دمشق القديمة إلى منزل آخر في منطقة البرامكة لتمضي السنون
مسرعةً ويأتي ذلك اليوم الذي استدعاها فيه والدها وقال لها أنه سوف يسجل المنزل
العربي باسمها, وإنه سوف يفتح لها حساباً في البنك ويضع لها رصيداً جيداً فيه من
المال ليعينها على الحياة إذا ما تفرق إخوتها عنها وانشغل كل بشأنه، وخصوصاً أنها شارفت
على الأربعين من عمرها وتزوج إخوتها جميعاً وبقيت هي وحيدة مع أبيها في المنزل بعد
أن رفضت الزواج حرصاً على خدمة إخوتها وتنفيذاً للعهد الذي قطعته على نفسها في
رعاية إخوتها.
بعد رحيل والدها
بقيت (ماجدة) وحيدة
في المنزل الذي أصبح فيما بعد نصيبها من الميراث, وراحت (ماجدة) تنتقل من منزل
شقيق إلى منزل شقيقة كي تقتل الوحدة والملل والكل يرحب ويعتني بها كنوع من رد
الجميل والعرفان جزاءً لتربيتها لهم... هذا ما كانت تعتقده (ماجدة), لكن في حقيقة
الأمر لم يكن هذا هو السبب المباشر للاعتناء بها, فقد كانت (ماجدة) كالمربية تعتني
بأولاد أشقائها وتقوم بواجبات الطبخ وغيرها كلما زارت عند أحد أشقائها... وفي غفلة
عين من (ماجدة) سرق منها الزمن سنوات عمرها, وشعر أشقاؤها وأولادهم وهم الذين
أصبحوا شباناً أن (ماجدة) قد تترجل من قطار الحياة قريباً، وتذكروا أن (ماجدة)
تمتلك منزلاً عربياً في دمشق القديمة بالإضافة إلى الأموال التي تمتلكها في البنك عدا
عن الحلي والمجوهرات التي كانت تشتريها
كلما ادخرت مبلغاً من المال, فراح كل واحد منهم يعرض عليها مشروعه الخاص ويغريها
بالأموال التي ستنهال عليها إذا ما نجح المشروع الذي يخطط له, فمن مطعم إلى فندق
إلى ما ذلك من المشاريع التي لا تنتهي... لكنها كانت تجيبهم بابتسامةٍ
دائمةٍ وهي تقول: "عندما يأخذ الباري أمانته فكل ما أملك سوف يوزع عليكم
بالتساوي وحينها فلينفذ كلاً منكم مشروعه الذي يريد"... ولهذا السبب ولأن
زهرة حياتها قد ذبلت وأصبحت في سن تحتاج هي فيه إلى من يرعاها بعد أن شارفت على
السبعين من عمرها, بدأ إخوتها وأولادهم يتقاذفونها كلاً منهم يتذرًّع بعمله وانشغاله،
حتى استقر الرأي على جلب خادمة لها تقوم على رعايتها, على أن تُدفع أجرة الخادمة
من الأموال التي تمتلكها (ماجدة), ويقوم كل منهم بزيارتها بشكل دوري للاطمئنان
عليها... وهكذا أصبحت (ماجدة) عالة على إخوتها ودخلت الخادمة إلى منزلها وبدأت
تقوم بواجباتها على أتم وجه بشهادة (ماجدة) لإخوتها, حيث كانت الخادمة تقوم بإعطاء
الدواء لـها في مواعيده، وتقوم بمساعدتها على الاستحمام وجلب حاجيات المنزل من
السوق... وهنا كانت بداية النهاية.
بداية النهاية
أثناء جلب الخادمة المدعوة (صوفي) لحاجيات المنزل من السوبر ماركت المجاور
لمنزل (ماجدة) تعرفت (صوفي) على عامل السوبر ماركت المدعو (لؤي) الذي راح يتودد
لها ويشعرها بحنانه وأسفه على غربتها وبعدها عن أهلها حتى استطاع استمالة قلبها...
وطبعاً بعد مضي أكثر من سنة على إقامة (صوفي) مع (ماجدة) استطاعت الخادمة تعلّم مفردات
كثيرة من اللغة العربية, وهذا ما جعلها تتفاهم مع (لؤي) الذي قال لها إنه يحبها
وإنه راغب بالزواج منها حتى استطاع أن يصل إلى مبتغاه ويمارس الجنس مع (صوفي) في
منزل (ماجدة) أثناء نومها, حيث كان يأتي كل بضعة أيام ليلاً ويدخل خلسة إلى منزل
(ماجدة) حيث تكون هذه الأخيرة قد غطت في نومٍ عميق جرّاء الأدوية التي تتعاطاها,
وهذا ما أتاح له المجال ليرى منزل (ماجدة) بما فيه من تحف وصمديات فقال لـ(صوفي)
إنه يود سرقة بعض الذهب والمال من منزل السيدة العجوز وعليها أن تقوم بمساعدته,
بعدها سوف يهرب معها ويتزوجان ويعيشان بسعادة, فطلبت (صوفي) من (لؤي) أن يمهلها
بعض الوقت حتى تتمكن من إعطائه المفاتيح ليقوم بنسخها... وفي الموعد المحدد لتنفيذ
الجريمة كانت (ماجدة) تتابع أحد الأفلام العربية فرفضت سماع كلام (صوفي) وأصرًّت
على متابعة الفيلم حتى النهاية.. وقد لاحظت (ماجدة) التوتر على وجه (صوفي) التي
كانت تغدو جيئة وذهاباً, وكلما سألتها عن أمرها كانت تقول لها إنها تخشى على صحتها
ويتوجب عليها الذهاب إلى النوم, وعندما همّت (ماجدة) بعد انتهاء الفيلم بالدخول
إلى غرفتها شاهدت باب المنزل يفتح ويدخل منه عامل السوبر ماركت فبدأت بالصراخ,
فانقض عليها (لؤي) محاولاً إسكاتها إلى الأبد قبل أن تتدخل (صوفي) وتحاول إبعاد
(لؤي) عن (ماجدة) وهي تقول بلهجة متلعثمة إنهما لم يتفقا على قتل العجوز, وأسرعت
إلى البناء وأخذت تصرخ لاستدعاء الجوار الذين قاموا بالقبض على (لؤي) واستدعاء
رجال الأمن الذين اقتادوه إلى مصيره المحتوم.
اعترافات
أفاد (لؤي) أنه على علاقة آثمة مع الخادمة, وأنه كان يمارس الجنس مع هذه
الأخيرة في منزل (ماجدة) كلما أراد بعد أن تكون (ماجدة) قد دخلت إلى النوم, وعندما
شاهد مظاهر الترف في منزلها خطر في باله أن يسرقها, وكان متأكداً أن لا أحد سوف
يشعر بسرقة شيء من المنزل ولا حتى العجوز نفسها, فاتفق مع (صوفي) على ساعة الصفر
لدخول المنزل, وقال إن (صوفي) اتصلت به قبل لحظات من موعد تنفيذ الجريمة, لكنه
اعتقد أنها تريد إخباره أن (ماجدة) قد نامت وتريد منه الحضور بسرعة, ولدى مواجهة
(صوفي) بهذه الاعترافات لم تنكر شيئاً منها, لكنها قالت إنها عندما شعرت أن (لؤي)
يريد قتل العجوز صرخت بوجهه وقالت له إنهما لم يتفقا على قتل (ماجدة) وحاولت
إبعاده عنها وأنها هي من ركضت إلى البناء واستدعت الجوار.. وفي هذه الأثناء كانت
(ماجدة) في المشفى تستيقظ قليلاً ومن ثم تغيب عن الوعي قبل أن تفارق الحياة بعد
ثلاثة أيام من الحادثة إثر نوبة قلبية, لتتم إحالة (لؤي) إلى القضاء بتهمة الإيذاء
المفضي إلى القتل وفق أحكام المادة /536/ من قانون العقوبات العام والذي ينص على
أنه من تسبب بموت إنسان من غير قصد القتل بالضرب أو الجرح بالعنف والشدة يعاقب بالأشغال
الشاقة المؤقتة من خمس سنوات إلى خمس عشرة سنة, وقد رأت هيئة المحكمة أن (لؤي) لم
يكن يقصد قتل المغدورة (ماجدة) بدليل أنه كان ينتظر نومها ولم يكن يحمل سلاحاً معه
عند اقتحامه لمنزل المغدورة, لكن لسبب ما خارج عن إرادته اضطر إلى ضربها, وبسبب
سنها المتقدم فارقت الحياة إثر نوبة قلبية, فيما تم التنازل عن الادعاء بحق (صوفي)
من قبل ورثة المغدورة وتم تسفيرها إلى بلادها.
التاريخ - 2015-06-06 2:15 PM المشاهدات 1471
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا