بقلم: هبا علي أحمد
متى سجلت الولايات المتحدة الأمريكية “نصراً” على الإرهاب؟ متى سعت الولايات المتحدة “لحفظ الأمن” في مكان ما أو إعادته ؟ تساؤلات ليست بحاجة للبحث عن إجابات لأن الوقائع والأحداث والأعمال العدوانية الأمريكية تتحدث عن نفسها، إذ لطالما كانت الفوضى واللاأمن وعدم الاستقرار وانتشار الإرهاب وتمدده هي نتائج التدخلات الأمريكية في شؤون الدول، ونتائج وجودها في منطقتنا وأينما حلت على امتداد مساحة العالم.
لا جديد فيما أعلنته الولايات المتحدة الأمريكية عندما قالت: “إنها أنفقت مليارات الدولارات خلال العقدين الماضين لاستعادة أمن الصومال” من دون جدوى، فسياسة أمريكا دائماً تأتي بنتائج “صفر” إذا كان الأمر يتعلق بتحقيق الأمن والأمان, ولا يمكن أن تتدخل واشنطن لهذا الغرض أساساً، لأن تدخلها لم يأتِ لإحلال الأمن و”مكافحة الإرهاب” كما هي ذريعتها الدائمة، فتدخلها في الصومال زاد من شوكة “حركة الشباب” الصومالية الإرهابية ولم يؤثر على وجودها الميداني بالمعنى الدقيق للكلمة، وفي الكثير من المرات منعت واشنطن شن هجمات على مواقع الحركة واستهدافها، وبقيت الحركة تمثل أكبر التهديدات في القارة الإفريقية، وبقيت قادرة على تهديد أمن الصومال ومحيطها الإقليمي.
حال الصومال اليوم كحال أفغانستان تماماً فما خلفته السياسة الأمريكية في الأخيرة تمدد حركة “طالبان”، والأكثر من ذلك أصبحت الحركة طرفاً في سياق مفاوضات وحوار مع الحكومة الأفغانية، وتوسع نطاق سيطرتها على الأرض وباتت أفغانستان بعد التدخل الأمريكي بيئة خصبة للإرهاب، وهذا لا ينطبق فقط على أفغانستان والصومال بل على دول كثيرة غيرهما، فالتدخل الأمريكي ذاته أدى إلى نتائج كارثية إذ دمر البلدان وأوجد الإرهاب ودعمه مادياً ولوجستياً واستخباراتياً ومازال يدعم بقاياه في محاولة لإعادة تدويره، أو إيجاد بدائل تحت مسميات أخرى لكنها في حقيقتها إرهابية.
أمريكا لا تريد محاربة الإرهاب أو إعادة الأمن كما تدعي، أمريكا أرادت من خلال الصومال إيجاد موطئ قدم لها شرق إفريقيا، والنقطة الأبرز توفير الحماية لإثيوبيا من أي هجمات إرهابية تأتي من الصومال، لما لإثيوبيا من أهمية من حيث علاقاتها الوطيدة مع الكيان الصهيوني الغاصب، تماماً كما كان الغرض من الوجود في أفغانستان لمحاولة “محاصرة” إيران والصين، وكذلك وجود أمريكا الاحتلالي في سورية والعراق لضرب استقرار البلدين من جهة وضرب حركات المقاومة, ولقربهما الجغرافي من إيران بما يصب في النهاية في حماية كيان الاحتلال الإسرائيلي.
صحيح أن أمريكا بإقرارها المذكور تفضح نفسها وأكاذيبها، لكنها في الحقيقة لا تستحي بل “تفاخر” بذلك، لكن في المقابل فإن هذا الإقرار يمكن عده بمثابة وثيقة ضد أمريكا لابد أن تضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، وهو دليل مثبت على أكاذيبها المستمرة والدائمة.
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا