شبكة سورية الحدث


من المكتسب ومن الخاسر في لقاء سلام حديقة البيت الأبيض 

من المكتسب ومن الخاسر في لقاء سلام حديقة البيت الأبيض 

شبكة سورية الحدث الاخبارية 

المكسب السياسي الوحيد الذي حصده ترامب ونتنياهو هو تحقيق أمجاد شخصية لخوض الانتخابات القادمة لكل منهما..
لذلك تم الأمر على عجل فالاتفاق مع البحرين لم يتضمن اية بنود تتعلق بشكل ما يسمى "التطبيع" مع الكيان الصهيوني وآليات هذا "التطبيع" على المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي والثقافي والسبب أن الإعلان المتأخر "يوم الجمعة الماضي" لم يعط فرصة كافية لإدارة ترامب لكتابة أو مناقشة بقية بنود هذا الاتفاق بين الجانبين الإسرائيلي والبحريني ولكن حرص ترامب على إعلان الاتفاق يوم الثلاثاء واستعجاله جعل الاتفاق هو "إعلان مبادئ" إضافة لتوقيع اتفاق إبراهام..

أما الإمارات التي أعلنت منذ 15 أيلول صفقة السلام المخزية وحضرت في واشنطن لتوقيع الاتفاق الذي ضم سبع ملاحق إضافة لتوقيع اتفاق إبراهام... ، من هذه الملاحق الملحق الاقتصادي والذي سيسمح لإسرائيل بتبادل تجاري مع الإمارات يصل لقيمة 500 مليون دولار..

لحظة إعلان اتفاق واشنطن رغم تمثيل البحرين والإمارات بوزيري خارجيتهما، مع العلم أن مثل هكذا اتفاقات يجب أن يحضر رؤساء هذه الدول خصوصاً أن ترامب حاضر وقد تم الأمر برعايته..

ولكن الأخير تفهم غياب محمد بن راشد وبن زايد وملك البحرين، لأن المهم بالنسبة له هو الإعلان أمام الكاميرات وفي حديقة البيت الأبيض وعليه لم يتم التحضير المناسب والإجراءات الاحترازية الأمنية الكافية لدخول الضيوف والمدعوين والصحفيين وكاميرات التصوير بخلاف العادة.. وهذا يدل على عجلة ترامب وحرصه على حضور الإعلام وأدواته لو تجاوز الأمر التعليمات أو الإجراءات الأمنية لدخول حديقة البيت الأبيض..

أما نتنياهو فهنا المفاجأة فالرجل لم يكن على دراية بأن القانون الإسرائيلي لا يسمح بالتوقيع على مثل هذا الاتفاق وبموجب القانون الإسرائيلي المخول بالتوقيع على مثل هذه الاتفاقات هو وزير الخارجية.. وقبل ساعتين من مغادرته ولحرصه على الحضور شخصياً 
طلب نتنياهو تفويضا من وزير الخارجية الإسرائيلي بالتوقيع بالنيابة عنه وحضور احتفالية واشنطن في البيت الأبيض..

نتنياهو الذي حرص على الحضور كما ترامب والظهور بمظهر المنتصر وصانع السلام.. أراد الرجلان استثمار هذه اللحظة انتخابيا وإلحاق الهزيمة بخصومهما في الداخل "بايدن" في أمريكا، وحزب "ابيض ازرق" والخصوم السياسين اﻵخرين في إسرائيل، الذي سيساعد نتنياهو على تصفيتهم والتخلص من وجودهم السياسي وبالتالي الفوز داخل حزبه وفي الانتخابات والهروب من المحاسبة في الفساد...

أما الإمارات والبحرين فقد أثبت حكامهما أنهما رخيصان جداً.. فالواقع يشير أن ترامب ونتنياهو قاما بعملية ابتزاز رخيصة.. ولو تعنتا أكثر أو التزمتا على الأقل مبادرة بيروت للسلام لكانتا حصلتا على أكثر من ذلك في هذا الاتفاق..

لا أعلم حتى اللحظة لماذا العرب _بغض النظر عن وجهات النظر السياسية والخلافية_ لا يستثمرون في أوراق قوتهم،بما في ذلك تلك الموجودة عند الخصوم السياسين منهم،أقصد هنا المقاومة الفلسطينية والرفض الفلسطيني للسلطة في التفاهمات الإسرائيلية، كذلك المقاومة في لبنان والموقف السوري المتعنت.. والمقاومة في العراق.. إضافة إلى الأهم وهو الموقف الشعبي العربي...

أما الحديث عن خطر إيران، كان بإمكان حكومة البحرين والإمارات أن تفاوضا الأمريكي والإسرائيلي حتى على  هذه..
واجزم أنه مجرد طرح مسألة العلاقات الإيرانية الإماراتية أو البحرينية أمام الكيان الصهيوني كافية لأن تنجح حكومة البلدان في أفضل عملية ابتزاز سياسي يكون فيها عوائد على الخليج وعلى الفلسطينين والعرب...

خفايا إعلان صور حديقة البيت الأبيض تظهر هزلية رجال الحكم في العالم العربي التي وصلنا إليها.. ولو قمنا بمقارنتهم مع من نختلف معهم كحسني مبارك أو صدام حسين لاكتشفنا أننا كنا نختلف مع رجال يعلمون بالسياسة ويتعاملون معها رغم وقائع وظروف معينة لكنهم حافظوا على ما بقي من مبادئ قومية أو عربية...

أما حكام اليوم فهم صبيان في السياسة ولا يعلمون خارج غرف نومهم ما يجري ولا عجب في ذلك إذا كان مسشاروهم وحراسهم والقائمين والمشرفين على تنمية بلدانهم من الأمريكيين والإسرائيليين...
فالصبي عندما يستحوذ على قنبلة بمظهر جميل لا يفكر بعواقب انفجارها.. ما يعنيه مظهرها الجميل واللعب بها والاستمتاع بدحرجتها على الأرض أمامه.. ولكنه لا يعلم أنه سيكون اول ضحايا خطأه عندما يسحب مسمار الأمان..

انفجار قنبلة توقيع واشنطن سينفجر في وجه موقعيه لسبب بسيط انه اتفاق هش وقد عرى واضعف الحكم الخليجي أكثر مما هو ضعيف..
تعتقد دول الخليج أنها ستحمي نفسها وحكمها بحماية إسرائيل لها وهي بلا أدنى شك أنها مخطئة بوجهة نظرها هذه، فقد أثبت التجربة أن بلدين عربيين قبلهما لم يجنيا من وهم السلام إلا الخزي والعار وانكشاف بلديهما أمنيا واجتماعياً أمام الإسرائيلي... أما النهضة الاقتصادية الموعودة لهما من الأمريكي والإسرائيلي فارقام الانتعاش الاقتصادي والانكماس وحجم الديون والبطالة في الأردن ومصر تدل أيضاً على هذا الوهم...

إسرائيل لم تدخل بلدا عربيا أو أجنبيا وتركته ينعم بالسلام ، إسرائيل لم تدخل ثقافة أو فكراً عربياً إلا وكانت سبباً في ترديه وفرقته..
ألا يكفيكم ما فعله بنو إسرائيل في الأنبياء والمرسلين، ألا يكفيكم انهم تآمروا على قتل رسول الله محمد وصلبوا المسيح..
ألا يكفيكم مجازر صبرا وشاتيلا وإحراق القدس..
ألا يكفيكم دمار العراق وسورية وليبيا..

لعل البعض سيقول ما سندفعه بالسلام مع إسرائيل أقل من مما سندفعه بمواجهتها.. أقول مخطئاً من ظن ذلك، فكل ما دفعناه في محور المقاومة بدءاً من فلسطين إلى لبنان وسورية والعراق وإيران  حتى اللحظة في مواجهة هذا الكيان أقل بكثير من السلام مع هذا الكيان الذي يلزمه في أي اتفاق معه إلى اتفاق كما قال الرئيس الخالد حافظ الأسد. 
د.حسام شعيب

التاريخ - 2020-09-16 9:48 AM المشاهدات 717

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا