محظوظ من يعثر أثناء «البحبشة» في الأقبية والمستودعات بين «الكراكيب»، على دراجة هوائية منسية لإعادة صيانتها من جديد كوسيلة للتنقل بدلاً من السيارات الخاصة أو وسائل النقل العامة في ظل تطاول أمد أزمة البنزين الخانقة، وارتفاع سعرها في السوق ليتجاوز الأجنبي منها حاجز المليون ونصف المليون ليرة سورية.
وتسببت أزمة البنزين في حلب في رفع أسعار الدراجات الهوائية أو «البستليكات»، والتي يسميها أبناء المدينة «مسليكات»، بمقدار ٢٥ بالمئة، على حين تضاعفت أجور صيانتها أضعافاً مضاعفة لارتفاع ثمن قطعها التبديلية المستوردة بحسب تغيرات سعر الصرف.
وبين الدكتور عرفان جعلوك، رئيس نادي «المسليكات» الحلبي، لـ«الوطن» أن نجم الدراجات الهوائية سطع أخيراً بشدة مع اشتداد أزمة شح البنزين في محطات الوقود وارتفاع سعره بشكل كبير في السوق السوداء «ما دفع العديد من أهالي حلب إلى اقتنائها كحل بديل ووسيلة صديقة للبيئة، ولا تحتاج للوقوف على دور البنزين أو إلى حيز كبير لركنها، عدا فوائدها في حرق الدهون وتنشيط القلب والدورة الدموية فهي (دوا وغوا)، بحسب المثل الشعبي الحلبي الدارج»، منوهاً إلى أن عدداً من الأطباء اقتنوا دراجات لاستخدامها في الوصول إلى الأماكن القريبة.
وأوضح جعلوك أن أسعار الدراجات شهدت أخيراً ارتفاعات بنسبة ٢٥ بالمئة «نظراً لازدياد الطلب عليها من كل فئات المجتمع، ففي سورية معملان لتصنيع الدراجات الهوائية، وتبلغ قيمة الدراجة الجديدة المصنوعة محليا بين ٣٠٠ و٤٠٠ ألف ليرة على حين يتراوح ثمن المستخدمة منها بين ١٠٠ إلى ١٥٠ ألف ليرة، وهي تكفي حاجة السوق المحلية في ظل منع استيراد الدراجات الأجنبية، ويجد الراغب باقتناء دراجة من سوق الجمعة متنفساً له وحلاً مناسباً لإمكاناته المادية».
وأشار إلى أن مجلس مدينة حلب يمنع دخول الدراجات الهوائية إلى مركز المدينة «إلا أن الحلبيين من ذوي الدخل المحدود يخالفون قرار المنع لقضاء حاجاتهم، وخصوصاً خلال الأزمة الحالية، على الرغم من أن معظم الدول تخصص مسارات خاصة بالدراجات لحماية راكبيها من مخاطر القيادة بين السيارات».
ولفت إلى أن الدراجات الهوائية دخلت إلى حلب في عشرينات القرن الماضي، أي قبل نحو ١٠٠ عام مضى، بعد اختراعها سنة ١٨١٣ «وتعد حلب من المدن غير المنبسطة لامتلاكها العديد من المرتفعات، لكن الحاجة إلى هذه الآلة زاد من الطلب عليها أخيراً، على الرغم من منافسة الدراجات ذات البطاريات لها والتي تتسبب بالتلوث جراء إتلاف بطارياتها».
بدوره، رأى هاني ناولو أحد هواة ركوب الدراجات الهوائية أنه وجراء شح مادة البنزين وصعوبة تأمينها «بدأت شرائح من المجتمع بالتفكير الجدي لاقتناء الدراجة الهوائية أو الدراجة ذات البطارية لتسهيل وصول أفرادها إلى وجهات أعمالهم، بعدما غدا الاعتماد على سيارات الأجرة شبه مستحيل بسبب الأجور الباهظة التي يتقاضاها سائقوها متذرعين بشراء البنزين من السوق السوداء على حين يتعذر ركوب السرافيس وباصات النقل الداخلي نظراً لقلتها والازدحام والطلب الكبير عليها، وليصبح المواطن بين مطرقة أزمة السير وسندان ارتفاع أسعار الدراجات الهوائية بأنواعها، إذ يصل متوسط سعر دراجة (البيك) إلى٣٠٠ ألف ليرة والمستعمل منها إلى ١٧٥ألف ليرة مقابل المليون ونصف المليون للدراجة الأجنبية».
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا