نتالي دليلة
نوع النص : خاطرة
كانت المرّة الأولى التّي أمسك فيها شيئاً من ثيابه بعد رحيله
رائحة عطره اخترقَتْني و هدمتْ كلّ محاولاتي لدفن الذّكرى
كأنّني أحتضنهُ بين يديّ
أكادُ أقسم أنّه كان هنا منذ دقائق
فهذهِ الرّائحة أقوى من أن تنتمي لجثمانٍ ميّت ..
أحضرتُ وسادتي و ألبستُها قميصهُ
و أخذتُ أغنّي للأزرار التّي بادلتني الشّوقَ بحثاً عن جسدٍ لم يَعُد هُنا
و أنا أسافر السّنتمرات التّي تكاد تبدو عقوداً ضائعة ما بين طيّة القميص العلويّة و اتساعاتهُ السّفليّة المجعّدة
ها هي بقعة الزّيت تعيدني إلى ذلك اليوم
إلى تلكَ السّاعة و تلكَ الوجبة تحديداً
أشعر بذات الشعور
و كأنّك مررتَ من خلالي
يبدو أنّني كنتُ أركُن قطاري ببطء شديد في المحطّة عندما هجرتَها بلمحِ البصر
و لم ألحَظ إلّا الاسوداد المفاجئ الذي ساد المكان لأركض بحثاً عنك في الفراغ اللامنتهي
فأجِد من صوتِكَ صداه ، و من جسدكَ رائحته
تأمّل قطر حدقتي عندما أشتاقُكَ
فأندَه باسمك لأسمع ما يبدو تكراراً لصوتك من ذاكرتي المُتعبة
لقد حفرتَ اسمي على صخرةٍ بدَت وكأنّها وحيدةً فابتلعتها البحيرة
عُدْ لتحفرهُ من جديد يا أبي
عُد ولو ليومٍ لأحتضنكَ في عالمٍ لا يكاد يُطاق دون تفاصيل وجهك
عُد لساعةٍ أو حتى لدقيقة
فأُشفى بابتسامتك و أعيدَ لكَ قميصك الذّي لا يكفُّ عن المطالبة بعطرك ..
( من وحي الخيال )
-بقلمي
❥
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا