شبكة سورية الحدث


الخطأ في نجوم أقدارنا بقلم حوراء الرشيد

الخطأ في نجوم أقدارنا بقلم حوراء الرشيد

• الخطأ في نجومِ أقدارنا
لَطالما جَالَ فِي رأسي إِشاراتُ تعجبٍ حِولَ سَببِ تَواجدي فِي زَمنٍ لا يَمد لِطبيعةِ اِنتمائي بِصِلَة، عالمٌ غَير مَألوف، غَريب، مُقزز لِدرجة الإشمئزاز، تَستَطيعُ وَصفه بِالسخافة الفَائِضة، يَملكُ قدرةً على الاستهتارِ بشكلِ فظيع، لايُبدي ذَرة اِهتمامٍ لِأيِّ شُعورٍ أو تَفصيلٍ صَغير، أَتأسفُ على نفسي على قَدري الّذي رَماني فِي هذا الكابوس حقاً كابوس لايمكن الهَربُ مِنه، تَخيل مدى رُعبِ أنّ تَكونَ طَائِر قَطرَسٍ تُلاحِقُ طُموحاتِك فِي زَمنِ المُتشائمين، أنْ تَملكَ خيالاً بِقدرِ السماءْ بِلا حُدود حَقيقيٌّ صَافي كَغَيمةِ خَريفٍ فِي واقعٍ غَدا ضَحيةً لِلتَصنع، تَتأرجَح بينَ المِثالية والتَميُّز فِي وجودكَ وَسطَ مُجتمعٍ أُصيبَ بِعدوى الإستِنساخْ، أَتُدرك مِعنى جَريِّكَ خَلف الأَمَلِ المُستَغَل الّذي دائماً يَطلبُ المُستحيل بينَ أُناسٍ قَدرُ الكَسلِ الّذي اِستحوذَ عَليهم قَد طَغا عَلى عُمرِهم !
=يَسألني صَديقي مَادام لاوجودَ لإِعجابِكَ بِشيءٍ فِي هذا الكَون إلى ماذا تَنتَمي إِذاً ؟!
_إلى مَاذا أنتمي! 
أَنتمي لِقطراتِ النَدى، لِنسماتِ الصَباح، اِبنةُ الطَبيعَة، مَولودَة مِن أَثرِ أَشعةِ شَمسِ الواقِع، عَالمي مُختَلِف لايَعرِفُ لِلحياةِ حَواجِز، حَيٌّ بَسيطٌ بِبنائِه مُزيّنٌ بِعدَةِ ألوانٍ مُنتَظَمة، نَبتَةُ حَبّقٍ نَبتَةُ الحُبِّ العَتيقْ، على شُرفَةِ غُرفَتي زَقزَقَةُ عُصفورٍ صَغير يُشبِهُني أَتَى بِصُحبَةِ فَراشَتِهِ المُدللَة، صَدى صَوت الفَنِّ القَديمِ مَمزوجٌ بِرائِحةِ بُنٍّ أو كُوبُ زَنجبيلٍ فِي بعضِ الصَباحات الشَتويّة الغَائِمة، شَجرةٌ تَمدَدتْ أَغصانُها لِمُعانقة السَماء تَحمِل على عَاتِقها أزهاراً بَنفسجِية تُطفي الأَمَلَ عَلى أَنفاسِ إِشراقَةِ يَومٍ جَديد، فضاءٌ هَادئٌ غيرُ مُزدحِم خَفيفُ السَكن ضِحكَةُ طِفلٍ وَرائِحة خُبزٍ تَفوح من يدِ رَجُلٍ تَوَجَ العُمرُ رَأسَهُ بِالشَيبْ، لَيسَ كَخُبزِكُم رَغيفُنا يُخبَزُ بِأشطارِ شِعّرٍ وَقِصَصُ حُبٍّ أُسطورِيّة، يَنضُج على تَطايُر رُذاذِ مَقطوعَةٍ مُوسيقيّة يَصعبُ على العَازِفِ وَصفها لِشِدة رونَقِها، صُندوقُ بَريدٍ يَعبقُ بِرائِحةِ حُبٍّ عَتيق تَدلى على جَانبَيه غُصنٌ رفيع مِن شَجرةِ توتٍ مُزهرة، رِسالةٌ فِي ظَرفٍ ذُو لونٍ سُكريّ بِحبرٍ أَخضر "رمزُ الوجود" تَحمِل عبارات مُرتَجلة تُتيهكَ بَين حروفِها تُمكِنكَ مِن إِستنشاقِ عِطرِ اليَد التي نَسَجتْ عَظمةَ تِلكَ الرِسالة، مَوعِدنا عِند حُمرة الغُروب مَع بضعةٍ كُتبٍ ثَمينة مُؤنِسة اللّيل والقَمر، أنْ تَملكَ أصدقاءَ خَياليونْ رِفاقُ دَربٍ يُدركون صَميمَ الكِتابة يَفهمونَ لُغة الروحِ والأَعماق، أَيمكنكَ تَخيل مَدى صُعوبة أنْ تَجد أشخاصاً مِثلُهم فِي مَوقعي هذا حتى أنّه بَاتَ أَمراً مستحيلاً، أُنظر هُناكَ طَعمٌ خَاص لِذةُ وُجودٍ لِكلِ أَمر، قانونٌ مُنظم لا يَدع لِلفوضى طَريقاً لَه
_الحُبّ دينُنا، والقَلمُ سَيد عَالمِنا، إحترامُ المَشاعِر من أَثاثاتِ كَوننا، التّفاصِيلُ أَكبر مُقدسَاتِنا، الوَفاء مِن شَرائِع دِينِنا، والكُتبُ يَدٌّ حَنونَة تَحتَضِنُنا، في زَمانِنا الإِبداعُ بِالوصفِ مَاءٌ يَروي أَعماقَنا، كَوصفٍ دَقيق كَما تملِكون الماءَ سَببَ كُل شيءٍ حَيّ بِالمقابِل نَملِكُ الكِتابة زَهرة عِرقِنا وَمَنبع نَشأَتِنا، أَجزم لكَ حِينها سَتحيّا مِن البِداية حَتى اللّانِهاية دونَ كَللٍ أو ضَجَر سَتفيضُ روحَك شَوقاً ليومٍ آخر فِي ذاكَ المَكان
بَينما أَنا أَنتمي لِكُلِ هَذا وُجِدتُ مَرمِياً على وَجهي فِي زَمنٍ يَنتمي إلى اللاّشيء، أتفهمُ مَدى الإِختلاف بَيننا يَاصَديقي !!
لايُمكِنُكَ فِهمُ مَا تَحدَثتُ بِه أَليسَ كَذلك؟ حقاً الخطأ في نجومِ أَقدارِنا. 
|حَوراء الرشيد| / سوريا

التاريخ - 2021-05-07 3:23 PM المشاهدات 670

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم