شبكة سورية الحدث


سجين حلم

سجين حلم

سورية الحدث 
"أحمد وليد طه / سوريا"
في الرابعِ عشر من ديسمبر في القرن الحادي والعشرون 
وحتى الآن أنا سجينُ ذلك الحلمُ الغريب, توقفت عقاربُ ساعتي عن الحراك, كان ذلك الاصطدام كفيلاً بأن يجعل حاضري تائهاً ما بين تلك التساؤلات, لم هي ! وكيف أعود إليها.
كانت آخر اللقطاتِ وأنا في ممر المشفى وتلكَ الأضواءُ البغيضة, لم يكن يجول في خاطري إلا حُسن وجهها, وفجأة ًغاب ذلك النور.
واجهت صعوبةً بالغةً في تمييز ما حولي, لكن لا أنا لم أرى في حياتي هذا المكان, كان اللونُ الأبيضُ يعتلي كُل ما حولي من أثاثٍ وجدران وتلك النوافذُ غريبة الشكل 
وفجأة صوتٌ ينادي بإسمي رنمٌ صوتها, عذبٌ كصوت بُلبلٍ غنّاء.
دخلت إلي, كانت تشبهها, نفسُ العينان وتلك الابتسامةُ, نفسُ الملامح, أهي من تمنيتها في الساعة /11:11/ أم ماذا, هل أنتِ حقيقة أم وهم, 
لا, قالت لي ذلك, كأنها كانت تقرأُ أفكاري المبعثرة, تسارعت دقاتُ قلبي وكان حباً من النظرةِ الأولى, وقالت هنا زنزانةُ أحلامك وأنا من إنتظرتك كثيراً, فما من قلبي إلا وكان سجيناً عاشقاً,
وما كانت هي إلا الحياةُ والنجاة, الهناء والرجاء, أنيس وحدتي في غربتي, كانت في كُل مرةٍ تزورني تزداد جمالاً, كنت السجين وكانت حريتي, كنت الضعيف وكانت قوتي,
ومرّ الزمان, وأنا في غرفتي لم أعي ما حصل, لم يكن لدي إلا أن أبدأ صفحةً بيضاء خاويةٌ أخبارها, وفُتات من بقايا ذاكرتي, يبقيني على قيد الحياة"حياة أم وهم أم سراب" لم يكن ذلك يعنيني, 
كان الأهم من ذلك رؤيتها في كل يومٍ, أحببتها فهي من جعلت فوضى رأسي تتأرجحُ بين مبسمها حتى تتهاوى على أقلامي, الدافع الوحيد لكلماتي التي تبعثرت في رحابِ جمالها, لم يعد قلبي يبالي بذلك المكان ولا مرور الأيام,أراد تلك الزنزانة التي حققت لهُ أنقى أمانيه, كانت هي ما يدفعني لأكمل ذلك الطريق الذي لم يكن بالحسبان, كأنها مهدئ لأفكاري القاتلة لتلك الأصوات التي تداعبُ رأسي ولم أعد أعي ما حصل, 
لكن أيقنت الوقوع,ذلك اليقينُ الذي لا يزول بالشك, إستقرت في ثنايا ذكرياتي,كان يجب أن أعلم لا شيء يمر بعبث "لم تكن تدع لقلبي إلا ذلك الخيار بأن يجعلها جزءاً منه, وبأن يصبح ذلك السجين"
أردتُ أن أوثق قبل خروجي من زنزانتي كل شيء، أي شيء حتى تلك التفاصيل التي قد يظنها البعض تافهة, لكنها تكاد تقتلني من فرط ما أشعرُ به نحوها, هي التي حولت رماد الحريق الذي بداخلي إلى كلمات لم تنطق إلا بإسمها,
وفي يوم من الأيام, تأتي إلي قائلةً : هل ستغادر, قبل أن تودعني, ظننتُ أنها النهاية, وأن الموت قد تمكن من قلبي, لا لن أغادر هذه الزنزالة التي جعلت أحلامي حقيقةً وأحيّت قلبي المنهزم,
وفجأة صوتٌ في مسمعي يردد لقد عاد, أنه على قيد الحياة, لأرى تلك الأضواء البغيضة مجدداً, ومن حولي صديقي وبعض الأطباء, ليخبرني بأن ذلك الحادث كاد أن يودي بحياتي, وأنا في نفسي أقول هل كانت 
حلماً أم حقيقة, هل أنا الآن نائم وهذا هو الحلم البغيض, لكن لا كانت تلك الحقيقة.
وإلى الآن أنا سجينها وسجين حلمي الذي تعثرت به, حلم يراود قلبي في كل ليلةٍ صماء, منذ الرابع عشر من ديسمبر في القرن الثامن عشر وإلى الآن يبقى السجين في زنزانته كل ليلة يحاول الوصول لها.
لكن لا, بعض الأماني لا تأتي إلا خلف القضبان.

التاريخ - 2021-05-10 8:03 PM المشاهدات 866

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا