شبكة سورية الحدث


تحت عباءة الليل بقلم ابراهيم جعفر

تحت عباءة الليل بقلم ابراهيم جعفر

"تحتَ عباءةِ الَّليل"
ستارٌ حالِكُ السَّوادِ يمتدُّ على أبعادِ السّماءِ الواسعة، ونجومٌ تتلألأُ كشاماتٍ تزيّنُ وجهاً لا يكادُ يتلاشى عن غشاءِ العينِ سراباً يرسمهُ الخيال، حديقةٌ بها طريقٌ طويلٌ يمتدُّ إلى نهايةِ الردهةِ ذاتِ الشجرةِ الكبيرةِ الّتي طَغَت ألوانُ الخريفِ عَليها فغطَّى سوادُ الَّليلِ لونَ أوراقها الهَرِمة، مقعدٌ عجوزٌ شَهِدَ الكثيرَ من القصَصِ وسَمِعَ آلافَ الحكايا تُغطّيهِ أوراقُ الشَّجرةِ التي أَسقَطَها سبتمبر بخريفهِ المعهود، نسمةٌ خريفيةٌ باردة وإنارةُ عَمودٍ خافِتَة وكوبُ القهوةِ الساخنةِ الَّذي تَضُمُّهُ يَديّ، هدوءٌ مسيطرٌ على المكان وضجّةُ الأفكارِ تُزاحِمُ بعضَها لتَكتَسحَ ذلكَ الهدوءَ بضجيجها، يسافرُ النَّومُ بعيداً ويستمرُّ التَّفكيرُ بأشياءٍ حَدثَت وأُخرى ستَحدُث، أشياءٌ جميلةٌ وأخرى مُحزِنة، تلتفُّ عقاربُ السَّاعةِ ويسرقُ جمالُ العزلةِ والوحدةِ تفكيري بالوقت ويقطعُ للنَّومِ تذكرةَ السَّفر البعيدة، وبعدَ هزيمتي لضَعفيَ وحُزني وارتسامِ ابتسامةٍ على وجهي مزَّقَت قناعَ الكآبةِ أحسستُ بلسعةٍ باردةٍ من نسماتِ الَّليل ونظَرتُ إلى ساعتي لأرى عقربَ السَّاعةِ المتأخِّرةِ قد ثَقبَ شراعَ قارِبي وأوقفَ إِبحاريَ في تأمُّلِ النُّجومِ لتلكَ الَّليلة، تركتُ مقعديَ فارغاً على وعدٍ مِنّي بلقاءٍ آخرَ غداً وذهبتُ إلى بيتيَ واستلقيتُ في سريري مستسلماً للنَّومِ لأستيقظَ صباحاً مع علاماتٍ سوداءَ تحتَ عينَيّ تَركَها لي صَديقيَ الَّليلُ عندما ضَمَّني لَيلةَ البارِحَة.
/إبراهيم جعفر/

التاريخ - 2021-09-10 1:41 PM المشاهدات 490

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا