"عُشّاقِ أيلول"
مضى عامٌ على آخرِ لقاءٍ بيننا ما تزالُ تفاصيلكِ الفاتنة تجولُ في مخيلتي؛ تفاصيلُ الطفولةِ التي يولدُ من رحمِها كلّ الحبّ؛ تفاصيلٌ تجعلُ عينايَ غارقتانِ في جمالها، وتغرقُ أفكاري في قاعِ التّساؤلات.. عن مدى عظمةِ الإله في خلقهِ ذلك الجّمال!.
أذكرُ حينها كان مقعدُ أيلول في انتظارنا؛ المقعدُ المعتّق الذي يحملُ في جُعبتهِ تفاصيلَ حُبّنا والذي بات جزءً من هذا الحُبّ، ما إنْ جلسنا حتى أرادتْ الطّبيعة أنْ تضعَ بصمتها في هذا اليوم وكأنّها على يقينٍ بأنّهُ ليس كَسابقِ الأيام، بدأتْ الرّياح تحضّرُ لسِنفُونيةٍ حزينةٍ وسطَ اكتئابٍ شعرتْ به السّماء، بدأتْ الطّبيعة مسرحيتها مع قولها بصوتها الرقيق المصحوب بالنشيج..
_"ها قد أعلنتْ الطّبيعة عن نهايةِ الرّواية وسطَ اخباري لكَ عن قرارِ الرّحيل، ألومُ نفسي في الوصولِ إلى هذا المشهد، انا من غيّر طريقكَ لأجعله مُتجهاً إلى قلبي، وانا الآن أغيّرُ طريقي بعيداً عن قلبك!، كنتُ أنانيةً في حُبّنا؛ أردتْ أنْ أعيش حُبّاً ينتشلُني من أنيابِ الحياة لكنّ ذلك على حسابك، فأنتَ منذُ البداية لا ترغب بالحبِّ لأنّك تدركُ تماماً أنّ لكلِّ بدايةٍ نهاية!، هذا مالم أفهمه إطلاقاً إلى أنْ أوصلتْ بنا الحياةُ إلى النّهاية التي لا نرغبُ وجودها، قرارُ رحيلي سيكونُ ضماداً لروحكَ وسلاماً لنفسي، ف واللّهِ اتعبتنا مصاعبُ الطّريق ولستُ بقادرةٍ على المُتابعة، لا أعلم حجمَ الخرابِ الذي ستعيشه بعد اليوم؛ لكنّه يبقى هينٍ أمام مشقّةِ الحُبِّ، أرجو أنْ تتقبل قراري.."
لم تدعني السّماء حينها بأنْ اذرفَ دموعي فبُكائها كان له رأيٌ آخر، حين بدأتْ تُمطر دموعاً والرّيح تُطلق نشيجعها..
غادرتْ المقعد الخشبيّ؛ وودّعتْ شجرةَ أيلول تاركةً خلفها آلاف الذّكريات التي ستُحكى للأجيالِ القادمة بأنّ قصّةَ حُبِّ خلدتّها الحياة؛ بدأتْ على مقعدِ أيلول وانتهتْ على المقعد ذاتهِ.
"آخرُ ما كتبهُ قلمي على ذلك المقعد ليبقى يتيماً فقد عُشّاقِ أيلول".
#حسام_إبراهيم.
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا