مع ارتفاع مؤشر العداد اليومي الرسمي للإصابات بوباء «كورونا» نحو ذروة جديدة في عموم البلاد يتقاطر المواطنون باتجاه مراكز التطعيم معلنين تضامنهم وتكاتفهم ضد هذا الفيروس المرعب على الصعد الصحية والاجتماعية والاقتصادية كلها.
مراكز تلقي اللقاح ضد «كورونا» تغص بعدد الوافدين إليها مع دخول حملة التطعيم الوطنية في يومها الأخير بعد اقتناعهم بأهمية أن يكون المجتمع محصناً من هذا المرض وأن الحياة الطبيعية لا يمكن لها أن تستمر مع الإجراءات الاحترازية للتصدي لفيروس «كورونا», ولا بدّ من أخذ اللقاح لمعاودة ممارسة العادات الاجتماعية التي تعد جزءاً من الحياة اليومية للسوريين على مدى قرون من الزمن واضطروا بسبب هذا الفيروس إلى تنحيتها جانباً لخفض عدد الإصابات والوفيات؛ وقد أعطى تطبيق هذه الإجراءات الفائدة القصوى منها لحين وصلت كميات جيدة من اللقاحات إلى بلدنا فكان القرار الرسمي الشعبي بإطلاق حملة التطعيم الوطنية على القاعدة الصحية الأزلية «درهم وقاية خير من قنطار علاج».. نعم كلها وقاية: «اللقاح والكمامة وغسل اليدين والتباعد المكاني والعزل..» لأن الغاية الأولى والأخيرة من تطبيقها الوصول إلى مجتمع خالٍ من الأمراض السارية ومنها «كورونا».
أما ما بعد الخلاص من فيروس «كورونا» فهنا بيت القصيد لما يشكله من مرحلة جديدة بالنسبة للعالم أجمع وليس لبلدنا فقط؛ حيث تتسارع فيها الخطا لدفع الاقتصاد نحو مزيد من الإنتاج والاستهلاك بهدف تحسين مؤشرات نموه النائمة في معظم الدول وإعادة عجلات الاستثمار داخل الحدود ومن خارجها والأهم إعادة النبض لشريان النقل الجوي إلى مستواه المرتفع السابق وربما أكثر للتعويض على البشرية ما فاتها من تقاليد التواصل الاجتماعي ومنافع التبادل التجاري والتلاقي الثقافي والحضاري خلال العامين الماضيين.
ما يهمنا أكثر الشأن المحلي وإمكانية نقله من واقعه الحالي إلى مستويات أفضل ليس صحياً فقط بل اقتصادياً وتنموياً واستثمارياً؛ والأهم كيف ينعكس الوضع الجديد على معيشة المواطنين، إذ ليس من نافل العمل أن نتخلص من وباء «كورونا», ويبقى الواقع المعيشي يغوص في بحيرات من المشكلات اليومية بلا حلول شافية، لذلك لابدّ من السير بالتوازي مع أفول الجائحة وفق برامج تنموية قابلة للتحقيق؛ تتداخل بين إجراءات الخلاص من «كورونا», وإجراءات تحسين المستوى المعيشي لجميع المواطنين؛ وحينها يكون العمل متكاملاً وناجحاً وينال الرضا الشعبي المطلوب. عمران محفوض