ترجمة: هيفاء علي
بحسب الصحافة الفرنسية، في حال أعيد انتخاب ماكرون رئيساً في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها، ربيع عام 2022، سيحاول تحفيز شوفينية الفرنسيين من خلال استعادة عقيدة “العظمة”، وهي عقيدة من شأنها أن تجمع بين الاقتصاد، والاستقلال السياسي والعسكري لفرنسا مع ترسيخ رسالة الأمة والثقافة الفرنسية في العالم. وسيتولى سلطة اتخاذ القرار في الدفاع والشؤون الخارجية التي ستصبح “المجال المخصص للرئيس”، وسيتبنى نهجاً “متشدداً” في الشؤون الدولية ، وسيصبح مشاركاً شخصياً.
وسيستخدم “التدخل الإنساني” لزيادة وزن فرنسا المحدد في الجغرافيا السياسية العالمية باعتباره العمود الفقري لسياستها الخارجية، وسيتم تقليص السياسة الداخلية إلى أداة بسيطة للسياسة الخارجية تعمل كمحفز لقيم “العظمة” تجاه الهياكل العسكرية لحلف الناتو، وتنشيط الفرانكوفونية ككيان سياسي واقتصادي على المسرح العالمي من خلال 2025.
وكل ذلك سيكون بمثابة الرد على الصفقة الإستراتيجية لأستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والمعروفة باسم “أوكوس”، والتي تتضمن بيع غواصات نووية من أمريكا إلى أستراليا إلى جانب خسارة اقتصادية لفرنسا تقدر بنحو 50 مليار يورو.
هل ستخرج فرنسا من الناتو؟
بعد هذه “الطعنة في الظهر”، سيستغل ماكرون رئاسة الاتحاد الأوروبي، التي تبدأ في كانون الثاني 2022 ، للتسويق لمبادرة الوكالة الأوروبية للدفاع وهي كيان دفاعي يهدف إلى قطع الحبل السري مع الولايات المتحدة عبر الناتو، والتي ستكون نتيجة إعادة التأكيد على السيادة الوطنية الفرنسية والألمانية ضد انجراف “الشريك الأمريكي” السابق، على غرار إعادة إطلاق معاهدة الإليزيه بين الجنرال ديغول وكونراد أديناور عام 1963.
وقد يعني هذا الأمر الحاجة إلى “السيادة الأوروبية العسكرية والتكنولوجية” التي ستتمحور حول ” القوة الضاربة” النووية الفرنسية، وسوف تتم مناقشة الأمر في قمة الحلف الأطلسي التي ستنعقد في مدريد في تموز 2022 والتي يمكن أن تمثل بداية اختفاء الناتو” الميت سريرياً” على حد تعبير ماكرون.
مزيداً على ذلك، سيؤدي استياء إيمانويل ماكرون من الولايات المتحدة إلى تقارب سياسي مع روسيا سوف يتجسد في التصديق على سياسة حسن الجوار مع روسيا تحت حكم فلاديمير بوتين من خلال توقيع اتفاقيات تفضيلية لضمان إمداد الغاز والنفط الروسي وزيادة التجارة وخروج فرنسا من الهياكل العسكرية لحلف الناتو كما حدث عند تفكيك حوالي ثلاثين قاعدة أمريكية على الأراضي الفرنسية من قبل الجنرال ديغول عام 1966 .
منذ عهد الجنرال ديغول كانت مقاومة الزعامة الأمريكية عاملاً في السياسة الخارجية لجميع الرؤساء الفرنسيين، لكن الفجوة كانت شكلية فقط، كما اتضح من دعم الجنرال ديغول للولايات المتحدة في أزمة الصواريخ الكوبية (1962) وفي عودة فرنسا لاحقاً إلى نظام حلف شمال الأطلسي في عام 1969، ولكن في ظل فرضية العمل بحرية داخل الحلف الأطلسي والحفاظ على الاستقلال النووي، كونها، باختصار، “حليفاً موحداً ولكنه مستقل”.
في كانون الثاني 2021، امتنعت فرنسا عن إعادة التصديق على معاهدة حظر الأسلحة النووية بعدما أعلنت أنها غير كافية في السياق الأمني، وطالبت بـ “نهج واقعي تدريجي لنزع السلاح”. وفي فرنسا، يتشاطر المسؤولية عن القوات المسلحة الرئيس ورئيس الوزراء بموجب الدستور الفرنسي لعام 1958، لكن مرسوم عام 1962 يمنح الرئيس فقط سلطة السماح باستخدام الأسلحة النووية. وهنا لابد من التذكير بأن “القوة الضاربة” وُلدت في عام 1960 بعد إعلان الجنرال ديغول الجمهورية الخامسة، وكان يُنظر إليها على أنها أحد العناصر الرئيسية للاستقلال الاقتصادي والدبلوماسي والعسكري في مواجهة القوتين العظميين: الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.
أخيراً، ستجمع الاتفاقية الفرنسية الألمانية بين اتفاقيات الطاقة التفضيلية عبر روسيا مع تنشيط الطاقة النووية والتنمية غير العادية للطاقات المتجددة، وستكون المرجع السياسي والاقتصادي الأوروبي لفترة الخمس سنوات القادمة، دون استبعاد إصلاح رسم خرائط أوروبية جديدة من شأنها أن تعني استعمار الاتحاد الأوروبي الحالي واستبداله بأوروبا الستة (فرنسا وألمانيا وبلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا وإيطاليا)، بينما ستظل بقية الدول الأوروبية الناشئة في مدارات هذه الدول.
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا