على سيرة الهجرة..
لم نكن يوما في وارد الوقوف أو حتى التصفح العابر لما يكتبه بعضهم أو ينقله عنه آخرون من صراخ وضجيج وهم يعلنون عزمهم على الهجرة..بصيغة تهديد ووعيد ..كمن يهدد ويتوعد أمه بالهجران هربا من وعكة صحية المت بها.
أما وأن الظاهرة اتخذت بعدا يبدو وكأنه لم يعد بريئا - حتى ولو ادعى بعضهم البراءة- فقد بات لابد من قول " جوزين كلام" لتصويب ما افتعله التصعيد الكلامي من تشويش كاد يشتت بوصلة الانتماء التي دفعت هذه البلاد دما زكيا وأرواحا طاهرة للحفاظ عليها.
لا ..الوقائع بواقعيتها ليست كما يردح الرادحون والرداحون..ففي هذه البلاد مايغري بالبقاء حتى لذوي النزعات النفعية الذين لايقيمون اعتبار للجانب المعنوي الوجداني في علاقتهم مع وطنهم ..فنحن في سورية بلد التنوع الاقتصادي و موطن مقومات التنمية لمن امتلك فكرا استثماريا خلاقا .. وهنا الميدان الرحب لكل رجل أعمال يعرف كيف يمزج تلك الخلطة النبيلة بين " الانتماء والنماء" .
لاتتأففوا من غبار الحرب ولا تتظاهروا بالملل..فهنا في هذا البلد صناعيون بقوا يحملون راية الصناعة ..وآخرون حزموا حقائبهم في الخارج وعادوا إلى بلدهم مع أول رصاصة أطلقت في هذه الحرب القذرة التي شنت عليها..وشكل الصناعي والتاجر معا أمثولة كفاح اقتصادي في تناغم عميق مع الملاحم التي سطرها أبطال الجيش العربي السوري في الدفاع عن أسوار هذا البلد .
بقي صناعيون وطنيون ..وبقي تجار وطنيون مفعمون سمتهم الالتصاق بوطنهم في محنته..لم يتذمروا من تقييد وضغط قوائم المستوردات ..لأنهم أدركوا أنها من إملاءات الضرورة وأنها حالة آنية..فقنعوا بالموجود و الممكن
، بل وأكثر من ذلك كانوا ومازالوا أصحاب مبادرات خيرية طيبة للتخفيف عن أهلهم وأخوتهم في الوطن ..
رغم الحرب والحصار والدمار ..هناك الكثير الكثير مما يمكن أن يفعله رجل الأعمال الحقيقي في سورية البلد الزاخر بالفرص من كل ألوان الطيف الاقتصادي صناعة وتجارة وزراعة ، بدلا من التلويح بالهجرة التي لا تعدو كونها هروب و انكفاء في زمن وظرف بدا فيه للهروب معنى آخر لا يليق بمن صنفوا أنفسهم في عداد رجال الأعمال..وللانكفاء دلالات بغيضة ليس أقلها مايدور في دائرة الوصمة..
ختاما.. يحضرني القول المأثور " لا يمكنك أن تحب البحر وأنت تقف على الشاطئ".. فمن يعش في سورية لن يقوى على فراقها..فكيف بمن مولدهم سوري ومعدنهم كذلك.. وزمرة دمهم سورية...أما المتفرجون على الشاطئ فليبقوا حيث هم .