شبكة سورية الحدث


اقتباس من رواية القاسم ولد الحسين للشاعر والروائي الموريتاني الشيخ نوح

اقتباس من رواية القاسم ولد الحسين للشاعر والروائي الموريتاني الشيخ نوح

اقتباس من رواية #القاسم_ولد_الحسين للشاعر والروائي الموريتاني #الشيخ_نوح

...
وسواء تعلّق الأمر بالسيجارة وقُبلتها المتجسّدة اسفنجاً وورقاً ودخاناً ولذّة، أو تعلّق بالغليون، فإنَّ غواية التبغ تستفزّ الشفاه؛ فتنبت فجأة رغبة مباغتة في الرئتين للامتلاء بالنيكوتين والقطران.
يقرّر أحدهم أن يقبض على السيجارة أو الغليون بشفتيه أو بعضّة لطيفة، ثم تمتدّ يده -دون أن يفكّر كثيراً- إلى القداحة الحمراء ... دون أن يجد وقتاً ليطرح السؤال: لكن لماذا هي حمراء؟ ألا يكفي أنها تكثّف في أحشائها طفولة بريئة للنار متموّجة على شكل سائلٍ محايد بلا لون؟ ...
ومن يدّعي فهم سيكولوجية القداحات؟ تلك الحرائق الصغيرة ذات الألسنة الكاوية الزرقاء، كم حملناها في جيوبنا وكأنّنا في استعدادٍ دائم لإشعال ذواتنا والعالم ! ...
ترتجف السيجارة في فمِ المدخّن، ثم تعود من قبلتها للقداحة محمرة الشفاه تماماً كما هو شأن الغليون، لكنّها وحدها تتراجع وتتقلّص وتظلّ تتآكل رويداً رويداً، منسحبةً إلى النهاية على تخوم الاسفنج وشعر الأصابع، تاركةً عموداً شبه وهمي من الرماد، سرعان ما يتفتّت دون أن يسأل أحدٌ عن مصيره. أين يذهب كل هذا الدخان الذي يُنتجه العالم ؟
ورغم كل ذلك تظلّ أوراق التبغ المهروسة محتفظة بغضبِ أمّها الشجرة، فيتفَعْون ذلك الغضب في الهواء أعمدةَ دخان، تأخذ أشكالاً دائريّة، قبل أن ترسم نساءً حزينات، ولكن بأظافر هِرّية مطليّة بالأحمر ومشحوذة.
هكذا لا تنسى الأوراق -رغم سلميّتها- مَن آذاها، بل تتآمر ضده مع الطبيعة في عقدٍ سري يوقعّه سرطان الرئة ...
يا لها مِن صفقة معقّدة، اللذة مقابل السرطان !

مكتبة موزاييك_ فرع لبنان mozaik library 
موزاييك للدراسات والنشر

التاريخ - 2021-10-17 12:32 PM المشاهدات 1542

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا