سورية الحدث الإخبارية
{ مشهَد مقتطف من رواية ميرينا لا ترى الضَّوء }
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
بلغت مقعدهما المقدّس متلهّفةً كطفلةٍ تُداعب لُعبَتها لتجدهُ فارغاً بشكلٍ مثيرٍ للصدمة و الحزن!
استطاعَتْ أن تتغلغلَ في بقايا عطرهِ الفوّاح، لقد كانَ هُنا و رحل منذ دقائق معدودة!
وَيحَ يومها الذي يبقى بلا تعريفٍ و عُنوان إذ ما غابَ طيفهُ عن ناظريها..
اعتراها الحَنين و تملَّكَها الاشتياق
لم يكُن المقعدُ فارغاً في الواقع بل كان يبركُ عليه ثلاثة شُبَّانٍ يتبادلون أطرافَ الحَديث، إلّا أنّهُ خالٍ و قاحلٌ و موحشٌ ما لم يَعتَلِ عرشَهُ فارسُ أحلامها!
جلسَتْ وحيدةً تُواسي ما تبقَّى من يومها الذي شرعَ يُفلِتُ يدها هُنيهةً دون أن تغمر زمهرير روحها المتعبة في دفء أحضانهِ الحنونة للمرَّة الأولى..
فيا لَيتها كالهواء..
يحملها إليهِ بين لحظةٍ و رجاء
لِتسكن أنفاسهُ و تُلامسَ ملامحهُ فتنتشي راحةً و هناء!
يا ليتها كالهواء..
كلّما اشتاقَت لبشاشتهِ يرفعها إليه، لتُعانِقَ نبض روحهِ مُثقلةً بالحُبٍّ و الحياء
و يا ليتهُ كالشَّمس!
لا يغيبُ عن عينيها إلّا لإشراقةِ فجرٍ يلي غَيهباً و ظلماء
و يا ليتها كالهواء..
أمسَكَت ورقةً و قلماً أسوداً و أخذت تسطر إليه حُروفَها بحبرٍ ينبضُ ابتسامةً تُحاكي في النَّفسِ السُّرورَ و العطاء:
أشتاقُكَ.. بينَ دمعةٍ وَ عشيَّة..
كما يشتاقُ رَحمُ الأمُّ لمضغةٍ لم تتشكّل بَعدُ في جَبروتِ امرأة!
يا لَهُ من اعترافٍ شاقٍّ على فتاةٍ تتلحُّفُ الخجَل رداءً و الحَياءَ ثوباً!
فهلّا أجَبتَني مَن تكونُ!
لينجلي في حضرتكَ الجميع و تتجمَّدُ في وجودِكَ الأوقاتُ..
فتغدو سيّد وقتي و أيّامي وَ فارس حُلُمي وَ زَماني!
أشتاقُك.. بينَ نبضةٍ وَ ضُحاها..
كما يشتاقُ الجسدُ للرّوحِ بعد أولى لحظات المَوت!
فتصارع الرّوحُ جسدها المُحتَضِر لتعودَ
و لو لدقيقة.. ولو لثانية!
تُقارِعُ الموتَ بينَ هزيمةٍ وَ هلاك!
هاكَ ثاني اعترافاتي يا سيّد الشُّغاف..
إنّي أعيشُ معكَ لحظات الموتِ و الحياة!
فـ بحُبِّكَ تُميتني..
و بِحُبِّكَ تُحييني..
و ما بيَن حُبّين .. أقعُ سَجينةً بانتظار طيفِ عدالةٍ وَ نَجاة!
حبيسةً مُعتقَلَة دونَ محامٍ، بتُهمةِ الحُبِّ رجماً حتى الموت!
فأعيشُ ميتةً في بحار عشقك..
و أموتُ حيَّةً في أنهار هواكَ!
أشتاقُكَ.. بَينَ شوقٍ وَ لهفةٍ وَ لوعة!
كما يشتاقُ الحنينُ للحنينِ!
و يئنُّ الأنينُ بالأنين!
و تبكي الدّموعُ بالدُّموع!
و تصطفُّ الحروف كسياجٍ مطوّقةً مُحيَّاكَ
كجيشٍ صَلدٍ يحمي طُهرَكَ يا أرقَّ ملاك!
هاكَ آخرُ اعترافاتي
يا أمير الحروف و ملكَ الوَتين
فليصرُخ الصَّمتُ و لينطقُ الأبكم..
و ليسمَع الأصمُّ أصداء كلماتي..
لقد أوقعتَ بقلبي يا وسيماً على شفير الجوى
فراحَ يُنادي بتراتيلِ اسمك في كلِّ زمانٍ و كلِّ حين..
و يا ليتها كالهواء..
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
بقلم : د.نتالي دليلة
مقتبس من رواية
ميريــنا لا ترى الضّـــوء - Myrina Doesn’t see the light
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا