سورية الحدث
كان هناك فتاة عشرينيّة ترقد في أحياء مدينتي؛لابدّ أنّني كنت أراها بين الحين والآخر تتجوّل وحيدة؛شعرها الأسود المتطاير من نسمات كانون الباردة؛قامتها القصيرة؛العيون السّوداء البريئة الّتي تخفي حياة مريرة متعبة تجاوزتها بالصّبر و الكفاح والرّضى؛الرّموش الكثيفة التّي تغطّي جفونها المتعبة؛شفتاها الكرزيّة المُنطبقة
كدت أخمّن من ملامح هذه الفتاة أنّها كتومة،تخفي ما هُوَ أعظم بين طيّات صفحات الحياة التّي تجاوزتها
بريئة هِيَ في زمن قلّت الفتيات اللّواتي يخفينَ نظراتهم عن الطّريق،نظرات منتظمة تخشى أن تمرّر بصرها من حيائها المفعم؛كفّ يداها الصّغيرتان
أُعجبت بها كثيراً وقلت حينها لصاحبي ليتني التقيت بكِ منذ زمن الطّفولة كي أرى شعرك الفوضويّ والضّفيرة الّتي كانت تعقدها لك والدتك في صباحك المدرسيّ
فتّشت عنّك كلّ الأماكن وبحثت أكثر وأكثر حتّى علمت كلّ ما يتعلقّ بكِ،ومن بينها أنّكِ فتاة هادئة في الحيّ،لا تخرجي كثيراً من المنزل،خجولة وأديبة لا تتكلّمي مع شباب الحيّ،تخافين أصوات الأنين الّتي تصدرها العاصفة والمفرقعات في ليلة رأس السّنة
تجلسين عند شرفة منزلك في ليالي الصّيف القمريّة،تتلي آيات من القرأن الكريم وتصلّي دون انقطاع
تشبهين ليلة حُبّ دافئة،أو لوحة فنّيّة منحوتة بعقل ناضج وقلب بريء وروح طاهرة،تكاد تجبرك على الصّلاة في حرمها
مرّت سنوات ولم تمكث فتاة غيرك في قلبي
فتاة غير عاديّة بوجه قمحيّ طفوليّ يشعّ النُّور من ملامحه.
عفراء بدور
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا