شبكة سورية الحدث


سُلاف خضر و محمد قتيبة عبدالفتاح يتبادلان الرسائل النابضة بالحياة و الشّغف

سُلاف خضر و محمد قتيبة عبدالفتاح يتبادلان الرسائل النابضة بالحياة و الشّغف

سورية الحدث

تقول سلاف:

مرحباً يا صديقَ الملجأ وشريكَ العذاب في الفناء بين الاوراق والحبر..
كيفَ حالكَ وكيفَ هو الليل عندكَ، أخبرني كيفَ تلملمُ مشاعركَ بعد منتصف الليل.. اتضعها في صندوقٍ ما أم تنثرها مثلي في السماء وتريحُ قلبكَ من ثقلها.
اشتقتُ لقراءة ما تكتب وأنتَ ثابتٌ على قرار البعدِ والاكتفاء بالظهور بين وقت وآخر، قليلون من يستطيعون امتلاكي بنصوصهم وهذا ما تفعله انت دون أن تدري فأرى نفسي أتنفسُ حروفكَ وأنت تقطعها عني مما سبب لي بأزمةٍ صحيّة.
كيفَ حال البلاد عندكَ والرفاق؟ أحكي لي كم طفلاً مات في المدينة من شدة البرد وما مقدار الطين الذي يغوص فيه ذاك الأب حين يذهب ليحصد قليلاً يسد رمقَ عائلتهِ، أتسمعُ الناي من حنجرةِ أولئك الذين يناجون الله ليخففَ وطأةَ الأمر عليهم أم أنك تكتفي بموسيقا معينة؟
حدثني عن كلّ الأوجاع والأحزان، اترك شلالات الخيبة عندكَ وعند أهالي الحي تروي بحيرتي، فأنا فتاةٌ تعيش وتكتب وتستقي من الألم، هذه لعنةُ القدر عليّ ولستُ اعترض.
أخبرني أيأكلون الحبّ في مدينتكم عوضاً عن الخبز المفقود ام أنهم كأبناء مدينتي يأكلون الغضب والقتل. 
طرحت لكَ مواضيعاً كثيرة بعض الشيء لأرغمكَ على الكتابة وإطالة النصّ أكثر، وأعلق مصباحا لا ينطفئ فوق طاولتك فاكتب ولا تخشى انقطاع التيار الكهربائي.. لذلك، افض بما يختلجُ في فؤادك وأفئدة أهالي الحيّ فهذهِ فرصة لحديثٍ ينسى حين جفاف الحبر ويبقى منهُ فقط ورقٌ منسيٌّ لا ذاكرة له.

صديقتك في العالم الافتراضي.
سُلاف

--------------------------------

فيردُّ قُتيبة:

أهلاً ابنةَ العربيةِ شرِيكةَ الحرفِ والقلم..

سَأخبرُكِ عن حالِي صديقتي..

لستُ بِأفضلِ أَحوَالِي أو أظنُّنِي بِأسوأها،لَيلِي باردٌ حالِكُ الظَّلام ،يَعتَرِينِي شُعورُ الوِحدَة الّذي صَنعتُه وَأعِيشُه ،لا أفضِّلُه لكِنْ أَظنُّه خيراً لِي من ضجَّةِ الحياةِ والخِداع.. ،
لا أُلَملِمُ مَشاعِرِي بَل أَظنُّها تُلَملمُنِي لِتضَعنِي في صُندوقِ الحُزنِ والاِكتِئاب ..
قَلبِي المُثقَلُ بِالأَسىٰ يُؤلِمُني..
اِشتقْتُ أيضاً لما أَكتبُ وَاشتقتُ لِنفسِي،لستُ بعيداً طوعاً مُفضَّلتِي..
فقدتُ شَغفِي حتّى بما كنتُ أَعشق ،يَكفِينِي عِشقُ نُصوصَكِ وَتعليقِي عَليها، لَقد أَدمنتُها، باتَت كالغيثِ علىٰ أرضٍ جَرداء، تُزهرُ رُوحِي وَتُنعشُها من العيَاء..
أمّا حالُ البلادِ والرِّفاق من أَخَالُها سبّبت لروحِي العياءْ، انتشرَ الظُّلمُ والفقْرُ والفَساد،والبَردُ يأكلُ أرواحَ أطفالٍ جيَاع،والتَّعبُ يُفنِي أَجسادَ النُّبَلاء،حتّى يَرجِعون مع ما لا يَكادُ يسدُّ رمقَ من عَانوا العَنَاء،
لا أسمعُ صوتَ النايِ بل أحسُّ به خِنجراً يَطعنُ في صَدرِي عِدَّة طعَنات،أتمنَّى لو كان بإِمكانِي ألَّا أدعَ أحداً يعانِي ،لكنَّها الحياة،وشاءَ الله علينا هذهِ الُمعاناة،أو أظنُّنا من نَعملُ بِحقِّ أيدِينا الُمدمَاة،فَالحَسدُ والحِقدُ والبَغضاءْ أصبحُوا غذاءاً 
لقلوبٍ سودَاء ،أَضحىٰ الواحدُ مِنِّا يَنتظِرُ الآخرَ إلىٰ ذَلَّةٍ وَينْسَىٰ ماضِيَّ العطاء،يَقتِلُ ويطعنُ ويُؤذِي مُقابِلَ بعضٍ من نقودٍ تذهبُ هباء..،
أمَّا الرِّفاقُ فخانُوا وغَدرَ الأخلِّاء ،والأَصدقاءُ باتُوا غُربَاء،وتَركُوا أَثرَ جُرحٍ في الرُّوحِ لَا يُنْسَى ..،

أمّا عنكِ صديقتي الرَّقمية..
فرسالتُكِ هذهِ لا تُقدَّرُ عِندِي بِغالِي الأَثمَان، سَتكونُ مِصباحِي الّذي لا يَنطفئُ معَ مُرورِ الزَّمان، ستكُونُ قاربِي إلى برِّ الأَمان وحِبراً لِقلمِي الظَّمآن..

أترككِ بحمىٰ الَّرحمن

أكتبِي لِي متىٰ أحببتِ وعلىٰ الدَّوام 

إلىٰ لِقاءٍ سيجمعُنا بهِ القدرْ

صديقكِ الرَّقميّ المؤمِنُ بِعظمتِكِ وتمَيُّزكِ

قُتيبة...

--------------------------------

لِتُجيبَهُ من جَديد بحبرها المِدرار:

أهكذا تكتبُ وأنتَ فاقدٌ للشغف؟ هيهاتٍ لنا إذاً فلسنا شيئاً أمام شغفك المفقود فكيفَ سيكون الحال إن وجدتهُ يا مفضلي اللطيف!
سوءُ أحوالكَ يصلني وأشعرُ بذاك الأسى الذي يلتفُ حوالَ قلبكَ ولهذا أنا قادمةٌ إليكَ بكلِّ ما أدري ومافي جعبتي من أساليبٍ للشفاء وَعقاقيرٍ وَأدعيةٍ، سأصلُ إليكَ وأشفي تلكَ الجروح وأخففُ تلكَ الالتهابات المؤلمة فانتظرني.
لن أدعها تغلقُ عليكَ صندوقها الأسود، سنجعلهُ بيتاً آخر لحروفكِ وأفكاركَ النيّرة كعينيكَ ستكون قائدها يا مفضلي وَستسيّرها كيفما تشاء وتجعلها خاضعةً لكَ، كنْ سلطاناً بحق ودعها تتجول بين السطور بالطريقة التي تشاء، فلتكتبْ من ألمكَ وحزنكَ وتعبكَ قصائداً على جدارِ الحادثة وَاحظَ بلذةِ الانتصارِ عليها، تستطيعُ فعلها فلا تتردد ولا تكن طيباً أبداً.
بلادُنا يا رفيقي أضحت روايةً عنوانُها "الاندثار الإنساني" فلا تتعجبْ من كمِّ المآسي ولا القتلى، لا الحروب ولا المجاعات.. إننا نفقدُ هنا إنسانيتنا ذواتنا وننغمسُ في الملذاتِ والفواحش.
وأما عن الرفاق والأحبةِ فاسمحْ لي أن أقول:
إنسانٌ مثلكَ، من لديهِ بعضٌ من نورِ الإلهِ سيطمع الجميعُ لأن يحظوا بهِ وماهم بقادرين على منحكَ ولا براغبين، صادقٌ شفافٌ، رقيقُ المشاعرِ مثلكَ لا أظنهُ سيُقابل بمثلِ معدنهِ وأفعالهِ ولا كلماتهِ.
وإضافةً لأن من يكتب يعيشُ التفصيلَ أكثر وبعنفوانٍ أكبر وهذهِ لعنةُ الكتابةِ الجميلةِ.
لا تحزنْ ولا تأبه..
فنحنُ هُنا، جميعنا.. من نكتب مثلكَ من ندري كيفَ يضطرمُ داخلكَ بنارِ الإحساسِ القويّ، منْ نلحظُ عيونَ الغيوم التي لا تُرى ..
نحنُ هُنا، بجواركَ
وعني أنا.. لن أُبارحَ مكاني وصداقتنا أعزّ من أن أجعلَ طرفها الآخر يعاني.
تستطيعُ القدومَ متى شئتَ فدياري مفتوحةٌ لكَ على الدوام.
وأخيراً:
نصوصي تعتبركَ أخاها الذي لا تستطيعُ مواجهة العالم دونَ دعمهِ.

مع خالص محبتي وأمنياتي بدوامِ السعادة.
صديقتكَ الرقميّة والروحيّة.
سُلاف.

--------------------------------

فيردَّ عليها:

أظنُّنِي أَجدُ شغفِي صَديقتِي وأنَّ اللهَ قد استَجابَ دَعوتِي في ذلكَ السَّحَرِ عِندما مرَّ شِهاب..
تمنَّيتُ صَديقاً له نَفسُ ملامحِ رُوحِي وذاتُ القلبِ والفِكر،تَمنَّيته لطيفاً ليواسيَنِي، مُخضرَماً يُشارِكنِي سوءَ الحياةِ وغدرَها،
لكنَّني ما ظنَنتُ أُمنيَتِي سَتُستجابُ بهذا الشَّكل الدَّقيق..
كيف يصِلُكِ سوءُ أخبارِي رُغمَ صَمتِي؟..

وكيف أنَّكِ جلتِ في قلبِي ورُوحِي حافيةَ القدمَين لكِ أثرُ الفراشةِ باحثةً عنِ الألم ؟
وماذا تَدرِين؟..

أَسرعِي صديقتِي ببلسَمكِ الشَّافِي وخيوطِ نوركِ،بابتِسامتِكِ الساحرةِ وما تملكِينَ من أساليبَ وإِدعي لِي فإنَّني أَحتضِر ..
هَلمِّي إليَّ وانتَشلِيني من غيَاهبِ وَحدَتي والألمْ،ولِتفتحِي بابَ قلبِي وترتِّبِي ما يجولُ فيه وتخرجِيه...
أمَّا عن نصيحتَكِ بألَّا أكونَ طيِّباً فاسمحِي لِي ألَّا أتَّخذُها قاعدة،فالطِّيبةُ يا صديقةَ الرُّوحِ بالرَّغمِ من كونِها شديدةَ الأذى إلّا أنَّها مريحةٌ إلى حدٍّ كبير،يكفِينِي أنَّني بعدَ أن أرتكِبُها لا أشعرُ بتأنيبِ الضَّمير..

وأمَّا عن بلادُنا بلادَ الياسمِين..
فالياسمينُ ذبُلَ عَطَشاً والبُستانيُّ ماتْ،والمُغيثُ هو الله..
وبعد...فإنِّكِ أغدقتِي عليَّ جزيلَ العطاء ووصلتِي بِقلبِي إلى حدودِ السَّماء،فلِمَ أحزنُ وأنتِ بجوارِي؟،فأُوفِي بعهدكِ كَي لا أُعانِي..

وأخيراً:
أشكركِ على كلِّ ما قدمتِي لِي الشُّكرَ الجَّزِيل ،يا هديَّةَ اللهِ الجَّليل،كلُّ الشُّكرِ بحقِّكِ قلَيل ،ومَا بالقلبِ أبلغُ ممَّا قِيل...

مع محبَّتي ورجائي لقلبكِ دوامَ السَّعادة 

مُفضِّلُكِ قُتيبة

--------------------------------

هنيئاً لنا بشغفكِ المستردِ، متأكدةٌ من أنهُ شِهابٌ خُصص لأمنيتكَ فقط يا قُتيبة أو محمد..كيفَ تفضل النداء؟
يُقالُ أنَّ الأرواحَ المتشابهة تسكنُ في ذاتِ المدينةِ وكلّما زادَ الشبه زادَ قُربها، وفي ذاتِ مساءٍ كنتُ أجولُ في شارعي المعتم حينَ وصلتني فراشاتُ روحكَ متعبةً تتفحصُ الوجوه والزوايا باحثةً عن شيء ما. بعضها ارتمى أرضاً فهرعتُ إليها وضمدتُ جِراحها لأبعثها في رسالةٍ ما.
ها أنا أكادُ أصل لعتبةِ البيت وبجعبتي كلّ ما تحتاج فقط انهض من سريركَ وانفضْ عنكَ غبارَ ماضٍ لن يفيدَ إلا في إثقالِ خُطواتكَ أكثر، افتحْ النوافذ على مصرعيها ودعْ خيوطَ شمسِ الأيام الأخيرة من هذهِ السنة بإيقاظِ كلّ جدار وأثاثٍ وزاويةٍ، ليعود بيتكَ يضجُّ طاقةً وعنفواناً وحياةً. 
لن أُقبلَ ناحَ قلبكَ لأن هذهِ مهمتكَ فعليكَ بانتشالِ ظِلالهم السوداء وحقنِ شرايينهِ بعقارٍ شافٍ من سمومِ ما جرى هذا ابنكَ والابن لا يرغبُ الاهتمامَ سوى من والديهِ.
لا تتخذها قاعدةً لكن لا تبالغ حينَ تتأذى، جميلُ الأثر والروح كحالكَ لن يؤنبهُ ضميرهُ يوماً متيقنةٌ من هذا كَ تيقني من أننا هُنا.
لم أُغدق ولم أفعل شيئاً لكنَ الإله أرسلني لأكونَ رداً لكلّ ما فعلتهُ أنتَ من خيرٍ وعطاءٍ وحبٍّ، هذا ما قدمتهُ وأنا أردّهُ ليس إلا.
سأكون عندَ العهدِ دوماً، اكتبْ لي متى ما احتجتَ وما رغبتَ ولا تترددْ أبداً.

مُفضّليَّ على الدوام كنْ بخير.

سلاف.

--------------------------------

شكراً لكِ لإعادة شغفي في هذه الحياة..
نادنِي كيفما شئتِ وسأُجيب.
أحقاً تسكنُ الأرواحُ المتشابهةُ ذاتَ المدينة؟
إذاً لِمَ لَمْ أُقابِل تلكَ الَّتي تشبهُ رُوحي؟
يَا لِحظِّ فراشاتِ رُوحِي بالوصولِ إليكِ،لقدْ اِرتمَتْ أمامَكِ لأنَّها وجدَتْ بكِ العلاجَ الشَّافي وبوْصلَتَها بالعودةِ إليَّ مع رسائلِ السَّعادة.
لنْ أقولَ لكِ مَرحباً فأنتِ مُرحَّبٌ بكِ دَوماً ،وبِحَوزَتكِ المِفتَاح..

نفضتُ غُبارَ الماضي عنِّي وباتَتْ خَطَواتِي أخف،لكنَّ غبارَ القلبِ لا يُنفضُ إلِّا بِخَفَقَاتٍ مُتسارِعةٍ لم أشعُر بها منذُ حين،تلكَ رَفرفةُ القلبِ الحَزِين،عندَما نُحب،أظنُّكِ أحسَستِ بِها يوماً.
فتحتُ نوافِذي فرأيتُ الشمسَ باهتةً وتسلَّلَ الهواءُ الباردُ يخترِقُنِي مُنتشراً في بَيتِي مُبعثراً غبارَ ماضيَّ الَّذي كوَّمته في زاويةِ الذاكرة،مُنعشاً رُوحي مانِحاً إيَّاها طاقةَ الحياة ِوالاستِمرار.
سأحاولُ انتشالَ سودِ الظلالْ،لكنَّنِي لن أَحقنَ شراييني بنفسِي عقارَ الشفاء،أُعانِي رِهاب الحُقن..
لن أُبالغَ في تحمُّلِي الأذى،لكنَّنِي مقتنعٌ بأنَّ أَذى الرُّوح يزيدُ من عزيمتها،ومُتأكِّد مِن ذلك كَتأَكُّدي من وُجودكِ هُنا ،فأمَّا أثري الجميل فهو ردُّ فعلٍ عن كُلِّ ما هو عظيم ،
نِعْمَ رسالةُ الإلٰه أنتِ مُؤنِستِي شريكةَ القلمِ 
وحافظةَ الضَّاد مِن الضَّياع ..
لَن أتردَّد ،سَأكتبُ لكِ عند حُزنِي وفَرحِي،عند خَوفِي وَقلقِي ،وعندما احتاجكِ .

إبقي دوماً بخير

 إلىٰ لقاءٍ غيرِ بعيد..

قتيبة.

 

التاريخ - 2022-01-03 9:31 AM المشاهدات 2675

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا