سورية الحدث
أطيافٌ بعدَ منتصفِ الليل :
ترغبُ برؤيةِ العالمِ بأسره و في داخلك شخصٌ يأبى مغادرةَ غرفتهِ خشيةَ الاصطدامِ بطيفٍ راحل؛طيفٍ مألوف؛ أو ربما طيفٌ جديد يضفي بريقاً جديداً على مراسمِ حياتك، لا يبقى منهُ إلا السّراب... لعنةُ الأطيافِ تلك، اللعنةُ على من أخبرنا بأنها تهيؤاتٌ و تزول، إنها لا تزول، و تبقى الفكرةَ الأولى في الصباحِ و الفكرةَ الأخيرةَ قبل النومِ و المستمرةَ طوالَ اليوم، كيف للإنسانِ أن يزيلَ آثارَ الأطيافِ من الحواس ؟ لا موسمَ ورودٍ ربيعيٍّ و لا نسمةٌ شتائيةٌ قاسيةٌ تنزعُ الأثرَ المتبقي تحتَ العينين و لا تخفي حساسيةَ النهدين، إنها لا تجدي نفعاً لتشفي التهابَ اللوزتين.. يبقى الإنسانُ طيلةَ حياتِه راكضاً من رصيفٍ لآخر يسيرُ على أحلامِه، يبدأُ حياته بكمٍّ هائلٍ من الأحلام و بعد كلِّ صفعةٍ يتلقاها من الحياة تتقلصُ أحلامه حتى يصبحَ أقصاها الشعورُ بالطمأنينة، يعتقدُ بأنه لم يخلقْ إلا ليتغيرَ و يبالغَ في نضجه، و يجهلُ حقيقةَ المبالغةِ في النضجِ التي تؤدي للاحتراق.
تأوي إلى سريرك و التعبُ سرقَ كلَّ تفاصيلَ وجهك و أرهقَ ابتسامتكَ الخجولة و تتمنى لو بإمكانك جمعُ أيامك السوداء لتكحيلِ عينيكَ البنيّتين و سؤال نفسك كيف لك أن تستمر؟ و هل من خيارٍ آخر سوى الاستمرار ؟ الإنسانُ يعتادُ على كل شيء، المراتُ الأولى من كلّ شيءٍ لا تُنسى ، لكنه مع الأيام يصبحُ الأمرُ عادياً و تنتهي فترةُ الانبهارِ الأعمى لتظهرَ الحقيقةُ التي تكمن وراء الستار.
سيزوركَ هاجسُ قلة الوقت، ستشعرُ بأنه ليس لديك وقتٌ لأيّ شيء، و في الحين الذي تجد فيه وقتاً ستشعر بأنه ليس لديك أي شيء يُذكر، سترهقكَ الأفكار، الأشخاصُ العابرون، الفتراتُ المؤقتة، ستتشكلُ لديكَ مخاوفٌ جديدة، لكنك ستبقى كغيمةٍ هاربةٍ من يدِ الفصول؛ ستمسي برقاً مفاجئاً لكنه مشرقٌ طيلةَ حياته..
#بتول_باسم_حمودة
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا