سورية الحدث
(مخيلتي كون من الأحداث)
دارَ في الصِّراعِ الأزليِّ بين الشَّمسِ والقمر الذي أُجري بعنوانِ "أنا الأفضل" في مجرَّةِ خيالي الواسعةِ .
افتتحت الَّشمسُ قائلةً : أنا و بافتخارٍ يا عزيزي حجمي الأكبر و قدراتي الأعظم ، فدرجةُ الحرارةِ التي تصدرُ من ألسِنَةِ اللَّهبِ النَّابعةِ منّي لا تقدَّرُ ولا توصف ...
فاجلس بهدوءٍ ولا تجادل ، لا مجالَ للمقارنةِ بيننا .
ولم يصمت القمرُ ، وردَّ واثقاً: صحيحٌ حجمكِ الأكبر لكنَّ حجمي الأمثل ، وقدراتكِ المتَّصفةُ بالعظمةِ تنهارُ أمامَ جمالي الكونيِّ ، فأنا ونيسُ كلِّ ساهرٍ وحيدٍ ، يناجيني العاشقون و المغرمون ليلاً .
استرخي ولا تنغرّي بنفسك يا نجمة .
معركةٌ على صفيحٍ ساخنٍ ، يصعبُ لمخيلتي وصفها و تحديدُ كاسبها .
ثمَّ عادَ القمرُ ليقولَ مؤكِّداً :أنا من يُشَبَّهُ الجميلون بهِ ، من تغنّى بروعتي أعظمُ الشعراءِ و أمهرهم ، وبالتعاونِ مع جاذبيِّتي نفعلُ أغربَ الظَّواهرِ الجَّاريةِ في البحرِ "المدُّ و الجزر"
فوائدي غامرةٌ للأحياءِ شتّى .
استُفِزَّت الشَّمسُ فأردفت : تتحدثُ عن الفوائدِ أمامَ مصدِّرةِ فيتامين "د" الأولى إلى الكرةِ الأرضيّة ، أيضاً لا تنسى أنني محورُ مسارِ كلِّ كوكبٍ و مركزٌ لدورانهِ ، لو٠لاي لكانت الكواكبُ قد تباعدت عن بعضها آلافاً من السّنواتٍ الضوئيَّةِ ، وبعدها يأتيها الموتُ من كلِّ نواحيهِ المجريَّةِ ، فإمّا الضّياعُ في الفراغِ أو التَّجمّدُ أو حتى أن يبتلعها ثقبٌ أسودٌ و ينقلها إلى أماكن مجهولةٍ من الكونِ الشّاسعِ ، و غيرها الكثيرُ .
لقد كانت ضربةً قاسيةً و موجعةً و صادمةً في آنٍ واحدٍ للقمر .
فردَّ في ضعفٍ و ثقةٍ ممتزجين في صوتٍ رقيقٍ قائلاً : كلُّ ما قلتهِ ذاهبٌ لا محال ، فهلاككِ قادمٌ إما اليومُ أوغداً ، أو بعدَ زمنٍ غيرِ محدَّدٍ لكنّهُ سيأتي وعندها نقطعُ الشّكَّ باليقينِ ، فأنا جرمٌ لا أفنى أما أنتِ مجرَّدُ نجمةٍ تنفجرُ عندَ نفاذِ كربونها المتَّقدِ ، فالبقاءُ للأقوى .
ضحكت الشَّمسُ باستهزاءٍ ، و ردَّت :
عندما أذهبُ أيُّها الولدُ سيرافقني كلُّ من حولي بإنفجراي القويِّ ، فلا شيء سينجو من الاحتراق و التَّفتُّتِ وأنت منهم يا قمر فلن تسعدَ بموتي سوى لحظاتٍ معدودةٍ ، فأنا سأكونُ سببَ دمارِ مجموعتنا الشَّمسيَّةِ ، عندها ينهارُ الأقوى و الأضعفُ .
دبَّت القشعريرةُ بينَ فوّهاتِ القمرِ عند قدومِ القليلِ من الرِّياحِ الشّمسيَّةِ إليهِ ، فحاولَ استعادةَ ماءِ وجههِ ، قالَ :
نوري و ما أدراكِ ما هو....
قاطعتهُ الشَّمسُ بضحكةٍ راحَ صداها يرنُّ في أرجاءِ دربِ التّبانةِ ، و بثَّت الرُّعبَ في نفسِ القمر ، وقالت بعدها:أنا من يسببُ فخرك هذا ، فنوركَ بدوني غيرُ موجودٍ
و....
عندها تدخلت الكواكب من عطارد إلى الأرضِ فبلوتو ، مجتمعةً على فضِّ الخلافِ ، و ببضعِ كلماتٍ هادئة بثَّت السكينةَ في قلوبِ الخصمين "الشَّمسُ و القمر" ومضمونها أنَّ المقارنةَ تعدُّ كفراً حيثُ أنّها من المحرمات .
فيا لمجرَّةِ مخيلتي الملحدة .
(حُسين نواف الدواي)
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا