عام مجهول.. بقلم آية أيمن عروس

سورية الحدث

||عامٌ مجهول||
ها هيَ تُثلجُ الآن إنَّها الثّانية و ثلاثَةَ عشرَ دقيقة و أربعُ ثوانٍ ليلاً في التّاسع عشر من ديسمبر في عامٍ مجهول إنَّها تُثلِجُ بقوَّة وأنا ضائِعَةٌ متمزِّقَةٌ مُشرَّدَةٌ مِنَ الحُبِّ وَحيدَةً دونَ موئِل حتٍى مِعطَفي الصّوفيّ الدّافئ أهديتُهُ لفتاةٍ صغيرَةٍ كادَت تتجمَّدُ برداً على ما أظنّ و كما بَدا لي أنَّها وَحيدَةٌ يتيمَة آهٍ يا صغيرتي كُنتُ أودُّ مواساتُكِ قليلاً لبضعِ ساعاتٍ حتّى يبزُغَ الفجرُ لكي أذهَبَ أنا إلى الهامِشِ لو بَقيتُ لكنتُ حَدَّثتُكِ عن المصاعِبِ الّتي سوفَ تواجهينها لوحدِكِ حينَ تبلُغينَ منَ العُمرِ ما يُقارِب ثمانِ سنوات هُنا المَعرَكَةُ سوفَ تثور ولكن لو كنتِ قد سألتِني كيفَ أعرف لكنتُ قَصصتُ عليكِ طفولَتي المُشبَعَةِ بالذّلّ بَعدَ أن رماني والدايَ في ميتَمِ لأطفال و من عُمرِ الثّامِنَة بَدَأت مَسيرَتي حينَ هَربتُ من دارِ الأيتامِ منذُ اثنتا عشرَ عاماً في الثّانية و ثلاثَةَ عشرَ دقيقة و أربعُ ثوانٍ في التٍاسع عَشَر من ديسمبر منذُ ذاكَ اليوم أقتَدَحت شرارَةُ الأصرارِ العاجِزِ داخلي منذُ ذاكَ الوقت و أنا أعملُ و أنامُ ملئَ عينيّ في الشّوارِعِ في أيّامِ البردِ القارس و الثّلج في حينِ ماتَت رَحمَةُ البَشرَ،
منذُ سنَةٍ للآن استطعتُ الاستقلالَ بذاتي في منزلٍ صغير أُدراي بِهِ وحدَتي بعدَ أن تعرَّفتُ على العديدِ من أصنافِ النّاس باحِثَةً عن حُبِّ عظيم كما في السّيناريوهات والأفلام لكِن أنا مُشرَّدَةٌ بينَ سطورِ الحُبّ ضائِعَةٌ بينَ متاهاتِ الكلمات لا قوَّةَ لي على شيءٍ سوى أن أُمارِسَ العادات السّائِدَة لقلبي أنا وَ وحدتي فهيَ تقومُ بطرقِ بابي كلَّ الأوقاتِ و نُترِعَ القهوَةَ صباحاً مَعَ قليلٍ منَ الموسيقا الكلاسيكيَّة، سَتُعانينَ الضِّعفَ المُضاعَف يا صغيرَتي لأنَّ مُجتَمَعنا يمرُّ بفترَةِ حقدٍ أزليَّةٍ مؤقتَة لا عليكِ ستكونينَ قادِرَة اللّهُ لن يَترُكَنا فنحنُ المؤنَّثات الغاليات.
سلاماً لقلبِكِ يا طفلَتي الجميلَة ليلَةً دافِئَةً في الثّانيَة و ثلاثَةَ عَشرَ دقيقة و أربعُ ثوانٍ ليلاً في التّاسع عشر من ديسمبر في عامٍ مُمَزَّق إنَّها اللّيلَةُ الأكثَرُ تجمُّدَاً لكن ستمضي أعدُكِ، إلى اللّقاء في العامِ المُقبِل.

24/2/2022
|| آيــة أيمن عروس ||