سورية الحدث
مع تطوّرِ الحياة، والواقع الذي نعيشه إلا أنّنا لانزالُ نعاني في جميعِ دول العالم وفي كلّ لحظةٍ من حالاتٍ تعنيفيّةٍ ضدّ المرأة سواء أكانت فتاة صغيرة، أو مراهقة، أو متزوّجة، وكلّ ذلكَ يندرجُ تحت مسميّاتٍ باليةٍ تنكِرُ حقوقها وتحثّ على تجريدِها ممّا تستحقّه.
وها نحنُ ندخلُ إلى أهمّ حدثٍ في العالم وهو السّتة عشر يوماً، فما تكونُ قصّة هذا الحدث، وكيف بدأَ؟
في 25 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1960 وتحديداً في جمهورية الدومينيكان في منطقة البحر الكاريبي، قُتلت الشّقيقات الثلاث "باتريا، ومينيرفا، وماريا تيريزا ميرابال" على يد مجهولين؛ إثر معارضتهنّ للعنف الوحشيّ الممنهج لدكتاتور الجمهورية الدّومنيكان رافاييل تروخيلو (1930 - 1961)، والذي كان يسيطرُ سيطرةً مطلقةً على البلاد، وأثناء هذا الوقت قررنَ التّخلّص منهُ، ففي إحدى المناسبات العامّة التي تواجدت بها "مينيرفا" كانَ قد حضرَ رافاييل، ونتيجةً لجمالها طلبَ إليها الرقص وخلال مراقصتها حاول مضايقتها والتّحرش بها، ولكنّها صفعته، وغادرت المناسبة مع عائلتها.
وبهدفِ الانتقامِ ورفضِ هذا الأمر تجاه كل امرأةٍ قررت أن تناضلَ من خلالِ التحاقها بكلية الحقوق وقامت بتشكيل حركة ضمت مجموعة من المعارضين لنظام "تروخيلو"، عرفت باسم "حركة الرّابع عشر" من يونيو، إلّا أنّه سرعان ما عرف بأمْرِ الحركة، فأمرَ باعتقالهنّ مع ذويهم وسجنهم والتّنكيل بهم، ومن ثمّ تمّ الإفراج عنهم ولكنّه لم يكتفِ بذلك، فأمرَ بقتلهنّ.
وتخليداً لهنّ أعلنت جمعيّة الأمم المتحدة يوم 25 نوفمبر يومًا عالميًا لإنهاء العنف ضد المرأة في أمريكا اللاتينية في عام 1980، واعترفت به رسميًا عام 1999.
لتصبحَ حملة دوليّة لمناهضةِ العنف ضد النّساء و الفتيات، وتُجرى كلّ عامٍ ابتداءً من 25 تشرين الثاني/نوفمبر، وهو اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، وتستمرّ 16 يوماً، إلى 10 كانون الأول/ديسمبر، والذي يصادفُ يوم "حقوق الإنسان".
تهدفُ هذه الحملة إلى التّوعيةِ بشأنِ حقوقِ المرأة، والعمل على سنّ قوانين صارمة بشأن ما يتعرضنَ له من ظلم وتعنيفٍ جسديّ ونفسيّ، فهذه المشكلة لم تعد محصورةً في مكانٍ واحدٍ بل أصبحت عالميّة وغير مقتصَرة على فئةٍ معيّنةٍ من المجتمعِ، ما ينذرُ بخطرٍ محدقٍ في العالم، فكثيرٌ من المجتمعاتِ تعتبرُ هذا الأمر سلوكاً طبيعيّاً، تحت مسميّاتٍ عدّة كالشّرفِ، والخوفِ، مايجعلُ مرتكبي الجرائم يفلتون من العقابِ تحتَ بندِ "الحقّ".
ونذكرُ مثالاً ضجّت به مواقعُ التّواصلِ الاجتماعيّ على مدى أشهر وهي الفتاة الفلسطينيّة "إسراء غريب" التي تمّ إراقةُ دمها عام 2019 على يدِ ثلاثةٍ من أفرادِ عائلتها إثر نشرها صوراً مع خطيبها، وهناك كثرٌ ممّن تعرّضوا للظلمِ نتيجةَ أسبابٍ واهيةٍ يجبُ التّوعية عنها والحدّ منها.
وقد اختيرَ اللّونُ البرتقاليّ ليكونَ رمزاً لهذه الحملة فهو وسيلة لإظهار تضامن العالم في القضاء على جميع أشكالِ العنف، ولمستقبلٍ مشرقٍ خالٍ منه، كما تُزيّن به جميع المعالم الخاصّة لجذب الانتباه العالميّ للمبادرةِ.
نور سليمان
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا