سورية الحدث - محمد الحلبي
حقيقة ً لم يكن أشد المتشائمين بالعمل الحكومي يتوقع أن يصل حال المواطنين إلى ماهو عليه اليوم ومن كل مناحي الحياة.. وذلك بعد أن وعدت الحكومة مواطينها بأن أحوالهم المعيشية والخدمية سوف تتحسن مطلع هذا العام، وسيلمس المواطن هذا التحسن بحلول الشهر السادس منه.. وها نحن وصلنا إلى الشهر الموعد إلا أن وعود الحكومة ذهبت أدراج الرياح..
خدمات خارج التغطية..
لنبدأ من الخدمات التي تقدمها الحكومة ولنستفتح بالكهرباء.. فساعات التقنين أصبحت تتناسب طرداً مع سوء الأحوال الجوية حرارةً وبرودة، فكلما زادت برودة الطقس أو ارتفعت درجات الحرارة تزداد ساعات التقنين.. والأعذار جاهزة دائماً.. وأحلاها تقاذف التهم بين الشقيقتين وزارة الكهرباء ووزارة النفط.. أما على صعيد الاتصالات فالخدمات من سيء إلى أسوء، فزادت أجور الاتصالات حوالي 50%بمجرد أن تقدمت الشركات المشغلة بطلب رفع أسعار خدماتها.. وسط استهجان المواطنين وغضبهم من هذا القرار..
بطاقة ذكية..
أما البطاقة الذكية فهي تلفظ أنفاسها الأخيرة لدى العديد من المواطنين، ولازالت حلقة الدعم تضيق أكثر وأكثر، وترمي خارجها المزيد من شرائح المواطنين، وكان آخرها أصحاب مكاتب المحاماة وشركاتهم لمن لديه مكتب تجاوز عمره العشر سنوات، وكنا نتمنى أن ينعكس خروج هذه الشرائح على الوضع المعيشي للمواطنين، إلا أن الوضع بقي على حاله، بل زادت الأحوال سوءاً أكثر من ذي قبل، وخاصة على صعيد المحروقات، فالبنزين المدعوم مثلاً كان مرة كل سبعة أيام، ليصبح مرة كل عشرة أيام، واليوم هو فعلياً مرة ونصف بالشهر، فالبعض لا تصله رسالة البنزين الا كل ١٧يوماً.. أما حال وسائل النقل فهو بالحضيض.. وخصوصاً بعد القرار المجحف بحرمان السرافيس من التزود بالوقود يومي الجمعة والسبت... أما على صعيد خدمة المحروقات المنزلية، فتم توزيع بضع كميات من المازوت المنزلي على البعض، ليتم نسيان باقي المواطنين إلى أجلٍ لايعلمه إلاالله..
والغاز المنزلي ليس بأفضل حالٍ أيضاً.. فعند ولادة ماتسمى البطاقة الذكية كان التوزيع كل ٢٣يوماً.. أما اليوم فنصيب الأسرة مرة كل ٩٠يوماً، أي ٤جرات غاز طوال العام (ولا نريد هنا أن تتحدث عن عدالة توزيع هذه المادة ).. فهل هناك عاقل يتخيل كيف تستطيع الأسر أن تتدبر أمور حياتها المعيشية ب ٤ جرات غاز طوال العام ياحكومتنا الرشيدة..؟؟!!!!!
إلا الرواتب..
أما أسعار السلع والتي تعاني من فلتان حقيقي وعلى مرأى من المعنين فهي ليست بحاجة للإشارة لها أو التحدث عنها.. لتكن الغريب بالأمر أن تطلب الحكومة من التجار عدم رفع الأسعار وتهدد وتتوعد بالضرب بيدٍ من حديد لكل من تسول له نفسه اللعب للقمة عيش المواطن، وإذا بها هي من ترفع أسعارها بشكل مباشر كرفع سعر ليتر الزيت مثلاً أو بشكل غير مباشر وذلك عندما ترفع أسعار المحروقات على الصناعيين وغيرهم، وتقوم بتخفيض مخصصاتهم.. والغريب أيضاً أن ارتفاع الأسعار يكون بين ليلة وضحاها..
أما زيادة الرواتب فهي بحاجة إلى دراسات واستشارات ورصد ميزانيات قد لايكتب لها النور أصلاً، وتبقى زيادة الرواتب عالوعد ياكمون.. وإن حصل وتمت الزيادة فهي لاتتناسب أبداً مع ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، ولا تتناسب أيضاً مع الزيادات التي تطرأ على أسعار السلع التي تقوم بتسعيرها الحكومة بذات نفسها، فقبل ثلاثة أعوام كان الراتب الشهري يشتري وسطياً ١٥ عبوة زيت سعة ١ليتر.. أما اليوم فهو لايشتري خمس عبوات زيت.. هي مقارنة صغيرة لعقول من يديرون حياتنا المعيشية، فهل وصلت الرسالة قبل أن أسألكم على ماذا بنيتم تصوراتكم وتصريحاتكم أن الوضع المعيشي للمواطن سيتحسن وسيظهر جلياً في الشهر السادس من هذا العام؟
هل هي مجرد أقوال وتصورات لاأساس لها ؟ أم أتت عن دراسة وتخطيط؟ والحالتان غير صحيحات، فلا يجوز قول ما يتخيله عقولكم ولا أساس له ، وإن كانت الثانية فمن هو من خطط لكم حتى وصل بنا الحال إلى ماهو نحن عليه اليوم ؟.. (أموت وأعرف).
أما الحلول الثلاثة التي بقيت أمامكم لتحسين الواقع المعيشي والمشار إليها في عنوان المقال فهي إما عن طريق معجزة ربانية تنتشلنا مما نحن فيه ، أو عن طريق عصا سحرية تقلب تعاستنا إلى سعادة، أو أن تستبدلوا هذا الشعب بشعبٍ أخر أعمى وأصم وأبكم..
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا