سوريةالحدث - خاص
محمد الحلبي
قبل الخوض في غمار تفاصيل العنوان يجب علينا أن نعلم أن الطبقة الوسطى التي تعتبر العصب الأساس والمحرك الأساسي لإقتصاد أي بلد قد اضمحلت تماماً في بلدنا.. لا بل يمكن القول إنها سُحقت تحت عجلة التصخم الإقتصادي.. وهبط غالبية هذه الطبقة التي تشكل أكبر طبقات المجتمع إلى مصاف طبقة الفقراء الذين هبطوا هم بدورهم إلى ما دون خط الفقر ، وقلة قليلة من الطبقة الوسطى صعدت إلى طبقة الأغنياء الذين ازدوا غنىً مستغلين الظروف المأساوية التي تمر فيها البلاد..
العالم من وين عم تجيب مصاري هي الجملة الأشهر بين السوريين، فما أن تمر بمطعم أو مقهىً حتى تراه ممتلئ من بكرة أبيه، أما في الأعياد والمناسبات فأنت بحاجة إلى موعد مسبق، ومن المحتمل أن تنتظر لساعات حتى تحصل على طاولة تجلس إليها..
فهل ذلك يدل على أن الشعب السوري مازال ممتلئ بالنقود رغم ما مر به من محن؟..
أولاً يجب علينا أن نعلم أن عدد سكان سورية اليوم بالنسبة لعدد مقاعد المطاعم والمقاهي هو أكبر بكثير من عدد مقاعد المنشآت السياحية والمطاعم حتى تستوعب أعداد هذه الطبقة، لذلك نرى المطاعم والمقاهي وخاصة في العاصمة دمشق ممتلئة عن بكرة أبيها في معظمها..
لا بل زد على ذلك أن أسعارها أو سعر مائدة طعام واحدة لخمسة أشخاص مثلاً تعادل راتب ثلاثة موظفين حكوميين على أقل تقدير.. لكن السؤال الذي يجب أن يطرح هنا فعلاًّ..
من أين تأتي هذه الطبقة بكل هذه الأموال حتى تبذخ كل هذا البذخ دون أي اعتبار ؟..
مصادر أموال الأغنياء اليوم.. هناك ثلاث مصادر لأموال الاغنياء اليوم.. المصدر الأول التجارة والتجار.. سواءً كانوا تجاراً شرفاء أو تجار حروبٍ أو تجار أزمة.. فمهما تعددت المسميات لكن النتيجة واحدة..
هم بالنهاية تجار واستطاعوا استغلال أوضاع البلاد بشكل جيد لمصالحهم، وكلما ضاقت حلقة الوضع الإقتصادي على رقبة المواطنين كلما ازدادوا هؤلاء غنىً..
المصدر الثاني للأموال هو الفساد، فشبكة الفساد في البلاد باتت أكبر من شبكات الصرف الصحي، وهناك من يتمنى فعلاً أن تبقى الأوضاع كما هي عليه دون أن يأتي الفرج، لأن أي تحسن بأوضاع البلاد هذا يعني الموت الحتمي لمصالحهم الشخصية..
أما المصدر الثالث فهو الحوالات الخارجية التي تصل إلى البلاد، وهؤلاء أيضاً لا يشعرون بغلاء المعيشة ويكفي فرداً واحداً من العائلة أن يكون مغترباً ليرسل لذويه كل شهر جزءاً من راتبه في الخارج، فما بالك إن كان هناك أكثر من مصدر لهذه الحوالات..
ومع فارق سعر الصرف من الطبيعي أن لا يشعر ذوي المغترب بغلاء المعيشة.. فتعمر وتحفل المطاعم والمقاهي بهم.. أما هؤلاء أصحاب الأموال الذين تحدثت عنهم فهم أيضاً عزيزي القارئ يقولون في أنفسهم وهم يجلسون في المنتجعات والفنادق والمطاعم الخمس نجوم (العمى منوين عم تجيب العالم المصاري ) وينسون أنفسهم..
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا