شبكة سورية الحدث


منزل للبيع في تنظيم كفرسوسة ب 20 مليون ليرة سورية فقط لا غير..

منزل للبيع في تنظيم كفرسوسة ب 20 مليون ليرة سورية فقط لا غير..

 

سورية الحدث - محمد الحلبي   
للبيع منزل في تنظيم كفرسوسة، مساحة ٢٠٠ متر، كسوة سوبر ديلوكس، إطلالة خلابة، مصعد، وباركينغ للسيارات..
هذا الكلام لم يمضِ عليه سوى عشرين عاماً فقط..
ما استدعاني لكتابة هذا المقال هو بائع اليانصيب الذي مرَّ أمامي هذا الصباح وصوته يصدح بالجائزة الكبرى وقدرها ٢٠٠ مليون ليرة سورية، ما الذي ممكن أن تفعله بهذا المبلغ اليوم؟.. هذا الرقم كان خيالياً قبل عشرين عاماً فقط، ويشتري عشر منازل في أرقى أحياء دمشق كالمالكي وتنظيم كفرسوسة ومشروع دمر وأبو رمانة وأتوستراد المزة، لكنه اليوم لا يستطيع شراء شقة متواضعة في منطقة مخالفات تفتقر لأدنى الخدمات..
في تسعينيات القرن الماضي عرض التلفزيون السوري المسلسل  الكوميدي الشهير عيلة خمس نجوم، وقد فازت هذه العائلة بالجائزة الكبرى البالغة عشرون مليون ليرة سورية وقتها.. وهنا المفارقة، انهالت العروض على العائلة لتشغيل هذا المبلغ في عدة قطاعات.. شركات بناء، معامل ومصانع، شركات استيراد وتصدير... إلخ.. وهذا كان هو الواقع وقتها..
أما اليوم عزيزي المواطن فإن حصلت على هذا المبلغ فبالكاد تستطيع أن تفكر بتركيب طاقة.. أو شراء سيارة موديل السبعينات..
وإن كنت مقتدراً فبالكاد يكفي قسط مدرسة خاصة مرموقة لطفلك المدلل..

ما الذي حدث..
لم يكن أشد المتشائمين يتوقع أن يتدهور الوضع الاقتصادي في البلاد إلى الدرجة التي نحن عليها الآن.. ولو قلت لأحد ما ذلك الوقت - أي قبل عشرين عاماً -  أن سيارة مثلاً موديل ١٩٨٠ ستشتريها ب٣٠ مليون ليرة بعد عشرين عاماً لأغمي عليه من الضحك وسيقول لك بعام ٢٠٢٠ ستذهب هذه السيارة إلى -السكراب- أي إلى معامل الخردة للاستفادة من حديدها فقط.. ولو قلت له بأن سعر المنزل الطابو الأخضر بدمشق سيصل لمليار ليرة سورية وسطياً، سيقول لك مستهجناً -أي شو أنا بدي أشتري بناية؟- وسيقول عنك بأنك تهذي أو ربما أصابك الجنون..
طبعاً نحن لم نصل إلى ما نحن عليه الآن بين ليلة وضحاها.. ومن المؤكد أن ما مرت به البلاد في السنوات العشر الأخيرة زاد من التضخم الاقتصادي حتى ضرب أطنابه، لكن سوء التخطيط لإدارة اقتصاد البلاد كان له النصيب الأكبر بزيادة معدلات التضخم التي لم تمر على البلاد طوال تاريخها.. فعشرين عاماً بتاريخ الأمم لا تعتبر مدة زمنية كبيرة.. والسؤال الأهم اليوم الذي نخاف أن نجيب عليه جميعاً لا بل نخشى من الإجابة.. إلى أين نحن ذاهبون؟!....

التاريخ - 2022-09-12 8:13 AM المشاهدات 559

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا