سورية الحدث - محمد الحلبي
قد يكون مصطلحاً جديداً لم يتم تداوله، ولنكن نحن أول من أطلق هذا المصطلح على الاقتصاد الذي لا يحتاج إلى رأس مال.. فهذا الاقتصاد ايضاً لم يسلم من الرسوم وإن جاءت على شكل مخالفات..
من أول السطر:
قد يندرج اقتصاد العدم الذي نحن بصدد الحديث عنه تحت مظلة اقتصاد الظل، إلا أن اقتصاد الظل بحاجة إلى رأس مال لإقامته والبدء بدوران عجلته.. حيث يعرف هذا النوع من الاقتصاد الذي ينمو في الظل بالاقتصاد البعيد عن عين رقابة الدولة، كورشات الخياطة ومعامل المنظفات وغيرها من الورشات التي تستفيد من موارد الدولة كالكهرباء المنزلية والمياه المنزلية، ولاتقوم بدفع الضرائب.. حيث تقوم هذه الورشات في مناطق المخالفات على الأغلب، والتي يصعب الوصول إليها.. وغالباً ما تتم ممارسة العمل في أبنية سكنية ضمن المنازل، ولذلك يصعب الوصول اليها واكتشافها كما أسلفنا
اقتصاد العدم:
أما اقتصاد العدم فهو ليس بحاجة إلى رأس مال نهائياً.. وهو يدر أرباحاً كبيرة على العاملين فيه.. كالنباشون في القمامة مثلاً.. كل ما هم بحاجة إليه هو كيس كبير، والاستيقاظ مبكراً قبل أن تصحو الحكومة من نومها، والبحث في أكوام القمامة والحاويات عن كل ما يمكن إعادة تدويره ((عبوات بلاستيكية_ كرتون_ علب معدنية...الخ))
أما المضحك المبكي في الموضوع هو أن الحكومة فرضت مخالفة على النباشون في القمامة تقتضي بمصادرة أدواتهم وتغريم النباش بألفي ليرة سورية.. بالله عليكم ماهي الأدوات التي يستخدمها النباشون غير كيس مهترئ سوف تعوف نفس موظفكم منه إن امسك به، وما هو شأن هذه هذه المخالفة الرادعة التي لاتساوي بضع قطع من الكرتون.. أعتقد أن أي نباش مستعد عن يعطيكم ألفي ليرة كل يوم عن طيب خاطر ويوفر عليكم ثمن أوراق تنظيم ابمخالفات وثمن الحبر لأقلامكم..
وهناك نوع آخر من اقتصاد العدم هو تجميع الخبز اليابس.. وهذا سببه رداءة رغيف الخبز في العديد من المناطق.. حيث أصبحت بعض الأسر تعتبره مصدراً آخراً للرزق.. حيث يصل سعر كيلو الخبز اليابس مابين ٧٠٠ - ١٠٠٠ ل.س.. وهذا النوع من التجارة بعيد كل البعد عن عين الرقابة، فمن غير الممكن أن يدخل المراقبون إلى كل منازل المواطنين وتفحّصها بيتاً بيتاً..
مع أصحاب اقتصاد العدم:
فتاة كانت تجر عربة وسط العاصمة دمشق وعلى مرأى من الجميع في عز الظهيرة، تجاذبت معها أطراف الحديث فقالت إنها لم تسمع بمخالفة الشخص الذي ينبش القمامة، وقالت مستهجنة هل سيحاربونا بلقمة عيشنا..
وقالت الفتاة أنها تحصل على ١٥ ألف ليرة سورية يومياً بمفردها، فيما شقيقها وشقيقتها يحصلون على نفس الرقم تقريباً بساعات عمل لا تتجاوز الخمس ساعات يومياً..
طفل آخر كان يحمل الكيس على ظهره.. وبعد أن اطمأن لنا قال(( المدارس للناس اللي معن مصاري)) نحنا بدنا نعيش.. وأضاف هذا الطفل انه يحصل على ما مجموعه وسطياً حوالي العشرة آلاف ليرة يومياً، حيث يقوم بفرز ما جمعه قبل بيعه في منطقة القدم..
أما السيدة أم نضال فقالت أن جارتها نصحتها بعد شكوتها لها من رداءة الخبز التي تحصل عليه من عند المعتمد أن تقوم بتجفيفه، ومن ثم بيعه للباعة المتجولين، وأضافت محدثتنا أنها تحصل على حوالي ٢٠ ألف ليرة سورية شهرياً من بيعها للخبز اليابس..
نقطة نظام:
اقتصاد العدم بات اقتصاداً حقيقياً، وواقعاً لا يمكن إنكاره.. وخطه البياني مستمر بالارتفاع..
وقاعدته تزداد اتساعاً في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الناس بالتزامن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، ونزول أكثر من ٨٠% من عموم الشعب السوري تحت خط الفقر ..
فكان لزاماً على الناس البحث عن بدائل للكسب تساعد على تأمين لقمة تسد الرمق.. وخصوصاً أن هذا الاقتصاد لا يحتاج الى رأس مال كما أسلفنا..
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا