شبكة سورية الحدث


ثرثرة الثقافة وثقافة الثرثرة

ثرثرة الثقافة وثقافة الثرثرة


سورية الحدث الاخبارية- السويداء- معين حمد العماطوري 


تعتبر الثقافة عنصرا هاما في بناء ذهنية وعقل وشخصية افراد المجتمع، وهي متنوعة ومتعددة في رسم خطوط تنموية من شانها تطوير المجتمع وافكاره، والثقافة هي التي تجسد سمات الشخصية والزمن، الذي تشير الى المستوى الفكري القائم على منظومة متكاملة من انظمة سياسية واقتصادية واجتماعية، وانما اليوم بات السائد ثقافة الثرثرة ..
الثرثرة هي سمة من سمات حياتنا اليومية ومجتمعنا، بحيث غلب الاستعراض الكلامي الخطابي على  القيمة والمحتوى والمعنى والدلالة، اذ اصبح المثقف في خدمة الجهل والتجهيل وينشر ثقافة الثرثرة الفارغة من المحتوى المعلوماتي التي تعكس التنمية المجتمعية، دون ادراك انه ليس كل ما يعرف يقال...انما القول بالمعنى والدلالة والمحتوى هو اساس في تكوين الرؤية والا شجعنا ثقافة الثرثرة...وثرثرة الثقافة...
ثرثرة الثقافة هي تعبير عن "فعل او عمل", "ثقافي" يتحول النشاط الثقافي من خلاله الى مجرد مظهر ثقافي خالي المضمون... أي نسمي النشاط نشاط ثقافي, لكنه لا ينقل او يرسخ اية معرفة تراكمية ذات قيمة؛ فهو مجرد  نقل معلومات ووقائع وصور واحداث، دون إظهار الجانب الاجتماعي الأخلاقي القيمي، لنشره وترسيخه في أذهان المهتم، ليكون بوصلة نشاطه الاجتماعي لاحقا.
تمارس هذه النشاطات فئات، غالبا، خالية الفكر  وعاجزة عن تقديم نتيجة ايجابية لنشاطها الثقافي. إن فاقد الشئ لا يعطيه... وبديهي ان "من لا يملك الفكر يعجز عن أن يعطيه" 
عندما تتحول الثقافة الى مجرد ثرثرة تبدأ المجتمعات بالتراجع ويبدأ الانهيار ... 
أما ثقافة الثرثرة فهي الفكر الذي سبق أن ترسخ في الاذهان، والذي يعتبر ان "الثرثرة" في الموضوعات الثقافية هو نشر للثقافة. 
هنا يكون فعل "الثرثرة" الثقافية نشاط أو عمل، مبني على "ثقافة الثرثرة"، ويكون النشاط الثقافي تقليد لما سبقه، دون أية فاعلية من النشاط، ويكون مجرد اجترار ثقافي "لا يغني عن جوع" ولا يقدم ولا يؤخر. 
وهنا تبدأ المأساة الاگبر، حيث يتحول الفعل الثقافي إلى مجرد مظهر، يضر بدل ان ينفع. وهذا بحد ذاته، سقوط في مستنقع الجهل والتردي.
واليوم ما تتحدث به السن مدعي الثقافة في اي مكان نفس الفكرة والطريقة والاسلوب القائمة على المدح المخالف للمنطق والعقل...خاصة بعد ان ساد استخدام التكريمات المجانية الخالية من اي قيمة ثقافية، وهي من مصادر غير رسمية وتمنح القاب مجانية لشخصيات لا ترتقي لاي مستوى ثقافي ومنح الشهادات الفخرية والاعتبارية وفرضها على المجتمع لتصبح ثرثرة بلا معنى...والاهم حينما يشجع عليها بعض مدعي الثقافة او من لهم شان في الساحة الثقافية يصبحوا فايرس مخرب للثقافة والسرطان الذي ينهش الخلايا السليمة ...
كما في الجمعيات المعنية بالثقافة والادب والتاريخ والفكر والفن او اللقاءات الدورية القائمة التي لا تطرح في مضامينها ثقافة سوا ثقافة الاستعراض التي هي الجزء الاهم في جسم الثرثرة..
 هل من الواجب المثقف مدح الجهل والجهالة واستخدام التجهيل لانشاء علاقات اجتماعية واسعة الطيف؟
متناسين قول احد الفلاسفة: من كان صديق الكل لا صديق له...ام على المثقف طرح قيم اخلاقية وقيم علمية وفكرية مضافة من المعلومات الحديثة لمواكبة اللحظة والتطور العلمي والتقني من شانها تطوير وتنمية المجتمع.
ونحن اليوم امام ثرثرة ثقافية مفادها الخطاب الاجتماعي القائم على الاستعراض لاثبات وجود شخصيات ان تكلمت دون محتوى او معلومات لا قيمة مضافة بها، بل هي اصوات تعلو في فضاء الاماكن من المضافات والعامة لا تنم عن البعد الاخلاقي والقيمي، بل هي رؤية لاكتساب الحضور على الحساب القيمة والقناعة والفكر. مقابل مدح شخصيات بعيدا عن ذكر مزايا تلك الشخصيات او ما كرسته من قيم واعمال ومأثر بحيث باتت ظاهرة مجتمعية، حتى ولو اعدنا ذكر الشخصيات القديمة ذات القيمة لم ننوه عن معارف تلك القيم.
وبالتالي نشجع ثرثرة الثقافة...
والسؤال هل ما يطرح ثرثرة الثقافة ام ثقافة الثرثرة؟ 
بالعودة لما يطرح في ساحة الاجتماعية والثقافية ندرك اننا امام ثوابت الافكار والرؤى محدودة البعد الفكري والاجتماعي مستهلكة دون اي قيمة معرفية، وتصبح ثقافة غير متجددة وهي ثابتة من دون تجدد وبالتالي تدخل عالم الثرثرة بنوعيها...
وبالتالي امامنا العودة الى نقد النقد واعطاء حكم قيمة لكل ما يطرح وايقاف تلك الثرثرة التي من شانها تخريب الذوق العام والفكر ورسم سمة العصر. 
وهذا اجحاف بحق مجموعة من المثقفين استطاع الجهل ان يغلف عملهم بالبعد عن الحراك الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
ونرى ان من يثرثر اكثر هو سيد الموقف، وتصبح ثقافتنا وموقفنا حقا ثقافة الثرثرة..

التاريخ - 2022-12-20 4:00 PM المشاهدات 439

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا