بقلم مدير التحرير..
سورية الحدث - محمد الحلبي
عندما تجبر الحكومة شبابها على الهجرة..سواء بقصد أو من غير قصد ، تكون النهاية والنتيجة واحدة.. بلد عجوز لايعاني من انهيار اقتصادي فحسب، بل من انعدام المستقبل لهذه البلاد نهائياً..
نعم مات الطموح والأمل لدى شبابنا، وهاجرت الكفاءات خلال سنوات الحرب، واليوم لايوجد شاب واحد تسأله عن مشاريعه المستقبلية إلا ويتحدث عن مستقبله خارج هذه البلاد.. سواء في الدول العربية أوالأوربية.. تلك البلاد التي باتت تشهد نهضات اقتصادية بفضل الشباب السوري، ونذكر منها العراق ومصر على وجه الخصوص، وحتى ألمانيا التي كان يطلق عليها اسم القارة العجوز أصبحت تضج بالحيوية والشباب بفضل الشباب السوري المهاجر بنسبة كبيرة، وهم يحملون معهم مختلف المهن، سواء العلمية أو المهنية وحتى الفكرية
وكذلك الأمر بالنسبة للفتيات.. لكن بطريقة مختلفة، فنادراً ما تهاجر الفتاة بمفردها، فهنّ لم يعدن يحلمن بالبقاء في هذه البلاد، ونسبة كبيرة منهن أصبحن يبحثن عن بارقة أمل للظفر بشاب مهاجر ينتشلهن من حالة البؤس والشقاء التي يعشن فيها بين أقرانهن..
فهل سألت الحكومة نفسها عن سبب هجرة الشباب؟ وماذا فعلت حتى تحد من هذه الهجرة قبل أن تكون الهجرة هي خياره الوحيد لبناء مستقبله؟..
أعتقد أن الإجابة عن السؤال الأول أن الحكومة تعي تماماً أسباب هجرة الشباب، أما ماذا فعلت فأعتقد أنها لم تفعل شيء وأخذت موقف المتفرج، وجل ما قامت به هو وضع العراقيل فقط للحد من هجرة الشباب دون حلول حقيقية، فهاجر من يملك المال حتى لو باع أعضاءه البشرية، وبقي الفقير المعتر كغذاء لحيتان التجار لزيادة ثرواتهم..
بكل الأحوال لنكن واضحين منذ البداية.. أول أسباب هجرة الشباب السوري هو طول مدة الخدمة الإلزامية التي لايعرف لها بداية من نهاية ، تلك الخدمة التي تأخذ زهرة شباب الشاب السوري وأوج قوته، وجل سنواته التي من المفترض أنه فيها يتوجب عليه أن يكوِّن، وطبعاً هروب البعض من الخدمة الإلزامية سيؤدي بالتأكيد إلى الاحتفاظ بمن التحق بها لفترة أطول..
ثانياً شبه انعدام فرص العمل، وخاصة في القطاع الحكومي فحتى لو قضى الشاب في الوظيفة ثلاثون عاماً وادخر كل راتبه دون أن يصرف منه قرشاً واحداً فلن يستطيع شراء غرفة في العشوائيات.. فتجد الوظائف الحكومية تعج بالجنس الأنثوي اللواتي يقبلن العمل مهما قلّ الراتب لعدة اعتبارات لسنا بصدد ذكرها الآن..
والحال ليس بأفضل كثيراً في القطاع الخاص، فراتب القطاع الخاص بالكاد يكفي لأدنى متطلبات الحياة من غذاء فقط.. لذلك يضطر الشاب للعمل لأكثر من ١٦ ساعة وبوظيفتين وربما ثلاثة أيضاً..
ثالثاً والأهم من ذلك عدم وجود بارقة أمل بتغيّر الحال نحو الأفضل.. بل على العكس تماماً..في كل يوم تزداد أحوال البلاد سوءاً أكثر من اليوم الذي قبله.. ودليل ذلك انفلات الأسواق وعجز الحكومة عن تثبيت سعر الصرف لشهر واحد على الأقل.. بل تقف موقف المتفرج كما أسلفنا، وجل ما تقوم به هو زيادة الضرائب والرسوم والأسعار لسد العجز في ميزانية الدولة وسط غياب الحلول والمشاريع الاقتصادية التي من شأنها أن تحرك عجلة الاقتصاد، وبالتالي تحقق الوفر من الكتلة المالية التي من شأنها أن تنعكس إيجاباً على حياة المواطنين، وتكون بمثابة الضوء في أخر النفق كي تجعل شبابنا يفكر مجدداً بالعودة لوطنه، وتغييب لا بل مسح فكرة الهجرة من أذهان شبابنا، فالوطن أولى بهم..
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا