بقلم مدير التحرير..
بعد أن كانت حلماً تحولت إلى كابوس
كتب محمد الحلبي
ما من أحد في سورية إلا ويتمنى أن يمتلك سيارة حتى وإن كان -موديلها- قديم، لا بل كان يحلم المواطن السوري أن يرى اسمه في سجلات المرور ودوائر النقل حتى وإن كان اسمه على مخالفة مرور..
وقد مرت البلاد بعصر انفتاح لا يمكن نكرانه بين أعوام ٢٠٠٠ إلى ٢٠١١، وبات حلم امتلاك سيارة قريب من المواطن، وليس أي سيارة، بل سيارة حديثة أيضاً، فكثرت موديلات السيارات المعروضة، وتنوعت عروض التقسيط حتى أذكر أن إحدى الشركات قدمت عرضاً أن تدفع 50% من قيمة السيارة وقسط شهري قيمته 5 آلاف ليرة سورية فقط.. أما الموديلات القديمة فباتت عبء على أصحابها فلم تعد مرغوبة، ووصلت أسعار بعضها إلى ما دون المائة ألف ليرة سورية..
أما اليوم فتغيرت الحال، وأصبحت السيارة حِملاً ثقيلاً على مالكها (طبعاً لا أعمم حديثي هنا وأعلم يقيناً أن هناك نسبة من الملّاك لا يعنيهم حديثي هذا) حيث تحولت السيارة من رفاهية وحلم إلى نقمة وكابوس، فباتت السيارة تكلف صاحبها أكثر من عشرة ملايين ليرة سورية في العام، فهي تحتاج إلى ٨٢٥ ألف ليرة ثمن بنزين في الشهر على أقل تقدير، أي ما قيمته عشرة ملايين ليرة في العام، وبحاجة إلى ٥٠٠ ألف ليرة غيار زيت ناهيكم عن التصليح، فمن المعروف في سورية أن الشرطة والميكانيكي والكومجي والكهربجي وشركات التأمين كلهم شركاء للموطن في سيارته، لابل يمكن القول بأنهم يؤجرونه السيارة ليستخدمها ويدفع لهم أجرة استخدامها..
وكما يقول المثل فوق الموتة عصة قبر، إذ أصبح بانتظار أصحاب السيارات باب جديد للنفقات، فشركة الفحص الفني للسيارات فتحت فاهها وتنتظر قرار مباشرتها للعمل، وقد أعدت جيوبها لتملأها كشريك جديد لأصحاب السيارات، وهنا لا بد لنا أن نتساءل، عن أي فحص فني تتحدثون إن كان العمر الافتراضي لأكثر من ٩٠٪ من السيارات في البلد قد انتهى، ولو كانت هذه السيارات في بلد آخر لحولوا معظمها إلى مكابس الحديد لتدويرها.. وبدلاً من الفحص الفني على السيارات القديمة بإمكانكم أن تفرضوا ضريبة رفاهية سنوية على السيارات من موديلات ٢٠١٨ وما فوق مثلاً، فهذه السيارات لا نعلم كيف دخلت وسجلت في سجلات المرور ونحن مفروض علينا حصاراً اقتصادياً، ومن دفع ثمن سيارته الحديثة بشكل وسطي ٥٠٠ مليون ليرة في هذه الظروف الصعبة التي نعيشها لن يضره ٥٠٠ ألف ليرة فحص فني لسيارتهالحديثة.. أما أن يتم ارهاق اصحاب السيارات التي انتهى عمرها الافتراضي بمصاريف إضافية فهذا غير مقبول، ونتمنى التمهل بإصدار تعليمات الفحص الفني إن كان لابد منه، ليكون كل ثلاث سنوات بالنسبة للسيارات الخاصة على أقل تقدير تخفيفاً عن هذا الشعب الذي أنهكته السنوات العجاف... علماً أيضاً أن الكثير من الناس لم يشتروا سياراتهم، بل ورثوها عن آبائهم.. فهل من أذن صاغية
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا