شبكة سورية الحدث


عن مريضتي التي كانت ابنة لمسؤول غني جداً / بقلم د. نتالي دليلة

عن مريضتي التي كانت ابنة لمسؤول غني جداً / بقلم د. نتالي دليلة

عن مريضتي التي كانت ابنة لمسؤول غني جداً و قادر بشدة..

طفلة لم تتجاوز العقد الأول من عمرها
كانت تملك من متاع الحياة ما لن نحصيه مهما حاولنا، و من روح المحبة و ظلّ التفاؤل ما كان يميزها عن أقرانها..

كانت تتجهّز لإنهاء رحلتها مع العلاج الكيماوي 
احتفالٌ كبير في المنزل و هدايا لا تُعدّ ولا تُحصى أحاطت بها فغمرتها امتناناً و مسرّة

لقد كان موعدها مع عملية زراعة نقي العظام قريباً جداً 

من شروط إجراء هذه العملية: الوضع الصحي المستقر و الاستجابة الجيدة على العلاج 
و إلا.. 
فلن يتقبّل جسدها هذا الإجراء و قد لا نستطيع التداخل عليها منذ البداية

كتبتُ عنها مرات كثيرة، لأنها لا تغادر ذاكرتي و لا تترك مخيّلتي للحظة
كتبتُ عنها في مذكراتي فبكيتُها حبراً على الورق
و صرختُ باسمها فشعرتُ بطيفها و هو يواسي ما تبقّى منّي عبثاً 

كان كلّ شيء على ما يُرام حتى أتاها زُكام عابر 
اتضح فيما بعد أنّ المرض قد استوحش و انتشر في جسدها الضعيف
و خرجت الطفلة من طور الهجوع والاستقرار إلى طور النكس القاسي حيث لم تعد تستجيب على أي نوع من أنواع العلاج المتوافر 

••لقد مُنِعَت من إجراء تلك العملية بعد أن قام والديها ببيع كلّ ما يملكون••

و دخلت في صدمة إنتانية صاعقة انتهت بموتها 

رحلت  عن الدنيا
تاركة خلفها أبوين وحيدين يلوم كلّ منهما الآخر 
والكثير الكثير من الألم 
و القليل من ألعاب كانت تداعب شعرها بين الحين و الآخر 
و دمية باربي صغيرة تحمل رائحتها 

كنت أحادث طيفها بين الحين و الآخر
فيحكي لي عن آلامه التي لا تكاد تذهب حتى تعود من جديد، و عن ذاك الشبح الخبيث الذي استولى على جسدها فانتزعها منه بوحشية
و عن البطل الشرير الذي يدعى بالكيماوي
 حكايات عن الصراع بين الملائكة و الشياطين
و العراك بشرف حتى الموت 
و الإرادة و الصبر و التمسّك بالحياة حتى الرمق الأخير
حكايات عن قصة حب فوضوية نشأت بين جسدها و المرض، فخان المرض جسدها  ولم يلتزم بالقواعد العشرة الأساسية لنجاح العلاقة
فهُنا يستوي الغني و الفقير 
و يتساوى الأعمى مع البصير 
وتبكي الدموع بالدموع 

هُنا..
ينام من فقد حبيباً أو قريباً متمنياً اللحاق به 
و ننام نحنُ..
متذمرين من حياة لن ندرك قيمتها حتى فوات الأوان..

نتالي دليلة
4/2/2024

التاريخ - 2024-07-26 5:35 PM المشاهدات 73

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا