شبكة سورية الحدث


أنا الآن مجرد رماد / بقلم تالا ملحم

أنا الآن مجرد رماد / بقلم تالا ملحم

ضجيجٌ عارمٌ في الغرفةِ وكلّها صرخاتُ من أناسٍ أجهلهم يقولونُ: "أدخلوهُ إلى غرفةِ العمليات بسرعةٍ!" 
لم أعد أسمعُ شيئاً.. 
ولكن في مكانٍ ما داخل جمجمتي عثرت على جدتي تضحكُ عند طاولة المطبخِ ويداها مغلفتانِ بالطحينِ.. 
داخلَ عيني جدّتي وجدتُ أمّي!
على سريرِ أمّي وجدتُ ورقَ حبّ كتبها أبي وهو في الحربِ، كانت مهترئةً جداً نتيجةَ قراءتها مراتٍ لا تحصى.. 
في ورقِ الحب هذا وجدتُ أبي يحملُني ويحتضنني بشدّة وأنا أبكي! 
داخلَ دموعي وجدتُ قارباً محطّماً مصطدماً بالصخور، مفكّكُ الهيكلِ!! 
في هذا القاربِ وجدتُ ألبومَ صورٍ يحملُ صوري مع إخوتي.. 
وداخلَ إخوتي وجدتُ حبّاً شديدَ الرحابةِ قادراً على استيعابِ مليونِ حوتٍ ويبقى هناكَ مساحةٌ للعومِ!! 
داخلَ ذاكَ الحبّ وجدتُ نفسي.. 
وداخلَ نفسي وجدتُ أن وعيي قد عاد.. لأستيقظ!! 
وأجدَ نفسي وحيداً بعد أن تهدّمَ منزلنا نتيجةَ الحرب، بعد أن ماتَ والدي شهيداً، بعدَ أن سحقَ الزمان جدتي لتصبحَ جثّةً هامدةً تحتَ التراب!
استيقظتُ لأدركَ بأنّ السريرَ باردٌ تتساقطُ منهُ تلكَ الأرواح العالقة في مخيّلتي، لأدركَ بأنّ أحلامي قد وقفت ضحيّةً للرصاص..
لأدركَ بأنّ الجراحَ كلّها قد رميت على قلبي..
إنّي أنزفُ، ولم يتبقى لي المزيدُ من الدماء..
أنا الآن مجرّدُ رماد!!

 

تالا ملحم

التاريخ - 2024-07-28 9:05 PM المشاهدات 745

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا