شبكة سورية الحدث


لمن يسأل النصيحة حول الاحتفاظ بالدولار أو الليرة..؟!

لمن يسأل النصيحة حول الاحتفاظ بالدولار أو الليرة..؟!

 سورية الحدث : دمشق

الوضع الحالي لليرة السورية مؤقت، ويشبه ما حصل في السودان مع هبوط الدولار في السوق السوداء السودانية من حوالي 72 جنيهاً في اليوم السابق لسقوط عمر البشير، في 11 أبريل/نيسان 2019، إلى ما بين 40 و45 جنيهاً في الأيام التالية لسقوطه. ولكن الدولار عاد للارتفاع، مع استئناف الاستيراد، ليصل إلى مستوى 90 جنيهاً سودانياً خلال ستة أشهر (أي أعلى مما كان عليه أصلاً) والآن يبلغ سعره 600 جنيه سوداني. 

في سورية، هناك تجميد غامض الأسباب لحركة الليرة السورية. المصرف المركزي لا يشتري النقد الأجنبي. ومن يمتلك حسابات مصرفية لا يستطيع السحب منها سوى ضمن سقف يومي يتراوح بين نصف مليون ومليون ليرة سورية. وهذا التقييد يشمل الأرصدة الشخصية وأرصدة الشركات. وهذا التجميد أتاح فرصة كبيرة للتجار للمضاربة على الليرة والدولار (هناك مقالة في التعليق الأول).

وضع الاقتصاد السوري لم يتغير. فلم تحصل أي زيادة في الإنتاج. والتوجه الحالي للحكومة هو نحو تحرير الاستيراد وتشجيعه، والبضائع التركية ستستمر بإغراق الأسواق. وزيادة الاستيراد ستعني حتمية انخفاض سعر الليرة السورية. 

وفي عموم المنطقة، في لبنان والعراق ومصر والسودان وتونس وأغلب الدول العربية غير النفطية (ما عدا الأردن)، نجد أن الدولار الأميركي يرتفع من عام لآخر مقابل انخفاض العملات الوطنية. ونحن نتحدث هنا عن بلدان ذات اقتصادات مستقرة - خصوصاً في حالة العراق ومصر مثلاً. فهل هناك أي نظرية اقتصادية تجعل سورية استثناءاً بين هذه البلدان؟ 

أما من يتحدث عن التعافي ما بعد الحرب، وتحويلات المغتربين، فعليه أن يتذكر انهيار الليرة اللبنانية بعد نهاية الحرب الأهلية في أكتوبر/تشرين الأول 1990 من مستوى 880 ليرة مقابل الدولار إلى 2,825 في سبتمبر/أيلول 1992.  تحسنت الليرة اللبنانية قليلاً مع تولي رفيق الحريري رئاسة الحكومة في أكتوبر/تشرين الأول 1992 ووصل الدولار إلى 1,950 ليرة. ولكن الدولار لم يصل لمستوى 1,500 ليرة لبنانية إلا في يونيو/حزيران 1999 (هناك رابط في التعليق الأول). وكان ثمن تحسن سعر الليرة اللبنانية عشرات مليارات الدولارات من القروض والودائع الخليجية والمحلية، وفي نهاية المطاف، بعد عقدين من الزمن، انهارت الليرة ليصل الدولار اليوم في لبنان إلى 89,000 ليرة لبنانية.

هل سيرتفع الدولار إذاً في سورية؟ هذا ما تقوله كل المؤشرات الاقتصادية الموضوعية. ولا يوجد أي خبير اقتصادي يستطيع تقديم نظرية تؤكد ثبات السعر الحالي لليرة السورية. متى سيرتفع الدولار؟ بمجرد تحرير الحركة المالية، وبدء استيراد النفط والمواد الغذائية الحيوية (الرز والسكر والقمح). ما هي النصيحة إذاً؟ التجار يعرفون الواقع ولا يحتاجون لنصيحة. 

أما الأفراد ممن يمتلكون بضع مئات أو بضع ألوف من الدولارات - من المدخرات - فنصيحتي أن يتجنبوا لعبة المضاربة بيعاً أو شراءاً، فالدولار يمكن أن ينخفض إلى 5,000 ليرة خلال بضعة أسابيع إن استمرت عملية خنق السيولة المالية، ويمكن أن يقفز الدولار إلى 15,000 أو 20,000 ليرة في الأشهر المقبلة مع التحرير الحتمي للسيولة المالية اللازمة لتجنب الانكماش الاقتصادي. 

اليوم صدرت تعاميم تلزم أصحاب الكازيات بقبول السداد بالدولار بعدما رفضوا ذلك في الأيام الأخيرة للاستفادة من الفارق بين أسعار المحروقات المحددة بالليرة وسعر الدولار في السوق السوداء. هذه التعاميم تعكس إدراك الحكومة لتفاقم الوضع المعيشي الناجم عن حبس الليرة السورية، وبالتالي يمكن توقع المزيد من الإجراءات الحكومية قريباً لتحرير السيولة السورية. لهذا فالخيار الأسلم للأفراد هو الاكتفاء بتصريف دولارات بالقدر الكافي لتغطية استهلاكهم الحيوي، وتجنب لعبة المضاربة.

 

التاريخ - 2025-02-04 2:32 PM المشاهدات 260

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


كلمات مفتاحية: الدولار المضاربة