كتب المحلل الاقتصادي السوري الدكتور أحمد أديب أحمد الأستاذ في كلية الإقتصاد جامعة تشرين “ماذا نتج عن زيادة سعر المحروقات سوى زيادة في أسعار المواد الأساسية والغذائية في ظل عجز الدولة عن ضبط السوق والأسعار رغم وعودها بذلك؟ وما الذي يمنع الحكومة من تحديد أسعار المواد والسلع قبل إعلان قرار زيادة أسعار المحروقات؟ ولماذا تُترك الأمور لتخبطات السوق غير المتوازن أصلاً؟ ولماذا تُخلق فتنة اجتماعية اقتصادية بين المنتج والمستهلك ليستفيد التاجر وحده؟ ولماذا لا تكون لدينا قرارات جريئة واستثنائية في ظل الظروف الاستثنائية؟”نحن نعلم أن خزينة الدولة بحاجة لإيرادات لتغطي الرواتب والأجور والإنفاق العام في ظل غياب الإنتاج، وخاصة بعد الإرهاق الشديد الذي نتج عن عملية تحسين مستوى العملة الوطنية في مقابل الدولار، لذلك تلجأ الحكومات بشكل عام إلى تخفيف نسبة الدعم عن المواد المدعومة، وذلك أفضل من عمليات التقشف التي كانت تقوم بها بعض البلدان الأوروبية من تخفيف الرواتب والأجور وقطع التعويضات وما شابه ذلك، لكن المشكلة لدينا تتركز في الفجوة الكبيرة بين اتخاذ القرار وتنفيذ القرار، خاصة أن الفريق الاقتصادي يرمي قراراته جزافاً دون متابعة ما ينتج عنها من مساوئ وسلبيات لتتم معالجتها أو الحد منها على أقل تقدير، وقد ظهر هذا جلياً على مر سنوات الأزمة.لقد طرحت طرحاً أراه مناسباً رغم معارضة بعد الجهات المتخذة للقرار له، وذلك لعدم فهمها لأبعاده الاقتصادية وآثاره الإيجابية، وكان الطرح يعمل على بسط السيطرة الكاملة ليد الدولة على الحياة الاقتصادية في سورية عملياً لا نظرياً، فاليوم يظن معظم الناس- كما تدعي الحكومة- أن الدولة تتدخل في الحياة الاقتصادية، لكن الحقيقة أنها في موقع المتفرج لا أكثر، والصراع على أشده بين تجار الأزمة من جهة والشعب من جهة، والغلبة للأقوى وهم التجار وأصحاب رؤوس الأموال.أرى أنه من الواجب أولاً أن تكون الدولة هي المسؤولة عن استيراد النفط من الدول الحليفة حصراً، وألا يحتج أحد بالعقوبات الاقتصادية لأن الدول الحليفة لا تمارس عقوباتها الاقتصادية علينا. أما بالنسبة للتكاليف الباهظة لهذه العملية فهي لن تتغير سواء كان الاستيراد عن طريق القطاع العام أو الخاص، لكن القطاع الخاص سيضيف هامش ربح عال جداً عندما يستورد هذه المواد النفطية ليبيعها للدولة وسيستفيد من فرق سعر العملية، مما سيؤدي إلى ارتفاع التكلفة بشكل أكبر مما هو عليه فيما لو أن الدولة قامت باستيراده بنفسها.ومن الواجب ثانياً أن تقوم الدولة برفع الدعم عن أسعار المحروقات وتقديمها للسوق بالسعر النظامي الذي يساوي سعر السوق المجاور في تركيا ولبنان والأردن لمنع التهريب، لأن الدعم الذي تقدمه الدولة حالياً لا يصل إلى جيوب المواطنين الفقراء، بل إلى جيوب تجار الأزمة الذين يحتكرون المواد النفطية ويقومون بتهريبها إلى المسلحين من جهة أو البلدان المجاورة من جهة أخرى، لكن يد المهربين ستقطع عندما يتوقف هذا الدعم غير المدروس في ظل الحرب.قد يتساءل البعض: هل المواطن قادر على تحمل رفع الدعم الذي سيؤدي إلى زيادة الأسعار بشكل كبير؟الجواب: إن هذا الثروة تضيع عندما تتحول من جيب الحكومة إلى جيب التجار في حالة الدعم المطبق حالياً، لكنها في حال رفع الدعم ستعود الثروة بالكامل إلى جيب الدولة، وبالتالي فإنها ستكون أقوى اقتصادياً من التجار، وستستطيع أن تفرض نفسها وقرارها من خلال تحديد الأسعار بالشكل المتوازن وليس العشوائي كما يحدث الآن، كذلك تستطيع أن توزع الدعم بشكل عادل على كل المواطنين دون استثناء من خلال سلل غذائية مدعومة بالكامل لكل مواطن عربي سوري بناء على الهوية الشخصية أو إخراج القيد أو دفتر العائلة….، كأن تخصص مثلاً سلة كاملة من المواد الغذائية والأساسية وبقيمة ثابتة، وهكذا يصل الدعم لكل مستحقيه وبالتساوي ما بين الفقراء والأغنياء، وسيضطر أصحاب المحال والتجار إلى تخفيض الأسعار نتيجة انخفاض الطلب على المواد لتوفرها ضمن هذه السلل الموزعة، وهذا سيسهم بتحسين المستوى المعيشي للمواطن حكماً.إضافة لذلك فإن على الدولة أن تخصص زيادة نقدية حصرية لرواتب العسكريين في الجيش والقوات المسلحة، فمن المعيب أن رواتب التشكيلات الأخرى السورية أو الحليفة أعلى بكثير من راتب العسكري المقاتل، وخاصة المجند الذي يخدم مجاناً حتى لو كان معيلاً لأهله، وهكذا يتحقق العدل الاجتماعي والاقتصادي على فئة كبيرة من الناس لأن الدولة دائماً هي الأم الحنون التي تسعى للعناية بكل أبنائها وتحقيق الحياة الكريمة لهم.هذا باختصار ما أود طرحه في هذا المضمار ولكل فكرة تفاصيل كثيرة عندما تطبق على أرض الواقع إن كتب لها النور.
التاريخ - 2016-06-19 10:49 PM المشاهدات 925
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا