يقول الإيرانيون "ليست لدينا خطة ب ولن نعمل على التفكير في خطة ب". يضيف مسؤول إيراني في دردشة مع الميادين "إنها تماماً كقصة الثعلب والقنفذ، الثعلب لديه خطط عديدة، بينما القنفذ يملك خطة واحدة كبيرة، في نهاية المطاف سيستنفذ الثعلب كل خططه، بينما القنفذ سيبقى على ما إعتاد عليه لسنوات، وبالنسبة لنا هذا كفيل بألا نخرج من المعركة إلا وقد حققنا هدفنا".بدا التحدي الأخير في سوريا صعباً جداً لإيران وحزب الله، الخصم يصعّد لفرض حرب استنزاف بأي ثمن، حتى ولو اضطر لتحقيق ذلك للتضحية بالعشرات من مقاتليه في غير معركة. يكفي أنه في تسجيله المصور سيذكر أنه قتل من قتل وجرح من جرح من حلفاء الحكومة السورية ليتحول الأمر إلى مادة استعراض عسكري لا تحمل الثقل الميداني ذاته. ليست هذه المرة الأولى التي يعمد فيها مقاتلو جيش الفتح والنصرة إلى تكتيكات من هذا النوع، لكنها هذه المرة أكثر إيلاماً مما كانت عليه سابقاً. يقرأ الإيراني المشهد بعيداً عن حلب وريفها الجنوبي، يقرأ رسالة واضحة بينة من الأطراف المسؤولة عن الدعم العسكري للمسلحين، لا سيما أولئك الذين يحاربون بغير دمائهم على أرض لا ينتمون إليها لفرض معادلات قد لا يكونون المستفيد الأول منها.إنتهت المعركة ولم تنته الحرب، ولا يبدو أن في الأفق نهاية قريبة لا سيما وأن الحدود الدنيا للمحورين المتصادمين بينها بون شاسع يجعل من الحل أمنية شائق يتمنى، فالمحور المؤيد للرئيس السوري بشار الأسد يرى في بقائه حداً أدنى لغمد السيف، بينما يصر المعارضون على أن رحيل الرجل هو ما يمكن بعده الإنطلاق في مرحلة حوار قد تفضي وقد لا تفضي إلى نتيحة، ويستمر القتال إلى ما لا نهاية، أو على الاقل حتى ظهور معطى خارج السياق يغيّر في المسار. يقول الإيرانيون في هذا الإطار "ليست لدينا خطة ب ولن نعمل على التفكير في خطة ب". يضيف مسؤول إيراني في دردشة مع الميادين "إنها تماماً كقصة الثعلب والقنفذ، الثعلب لديه خطط عديدة، بينما القنفذ يملك خطة واحدة كبيرة، في نهاية المطاف سيستنفذ الثعلب كل خططه، بينما القنفذ سيبقى على ما إعتاد عليه لسنوات، وبالنسبة لنا هذا كفيل بألا نخرج من المعركة إلا وقد حققنا هدفنا".لا أمل على الإطلاق في تغيير إيران لاستراتيجيتها السورية، حتى من يوصفون فيها بالحمائم، هؤلاء إذا ما كانوا يناقشون ففي التكتيكات اللحظية، في التصريحات اليومية، في الخطط المرحلية، لكنهم في العام لا يختلفون عن الصقور في نظرتهم، لذا فهم وإن كانوا في خطوط المسير متباعدين بعض الشيء إلا أن جميع الطرقات من طهران تفضي إلى عنوان واحد في سوريا. ضمن الاستراتيجية ذاتها يتحرك حزب الله اللبناني الذي تبنى نظرية القنفذ لسنوات في حربه مع إسرائيل، وهو منذ اليوم الأول من تدخله في سوريا وضع أمامه الهدف المركزي ذاته للمحور الذي رغم كل شيء لا يزال قرار المواجهة لديه كما كان في اليوم الأول من المعركة، أو ربما أكثر.عندما تحولت الأزمة السورية إلى حرب متعددة الأطراف كان الملف السوري قضية أمن إقليمي بالنسبة لمحور المقاومة عامة وإيران بشكل خاص. لم يبق في الجمهورية الإسلامية مسؤول إلا وتحدث في الشأن السوري، ولم يبق مسؤول في الطرف المناهض لإيران إلا ووصف وجهات النظر القادمة من طهران بأنها تقول أمراً واحداً، أن من يتولون زمام المبادرة إما منفصلون عن الواقع أو واهمون. كان الظن حينها أن الرئيس السوري بشار الأسد سيسقط خلال أسابيع أو اشهر على أبعد تقدير، لكن ذلك لم يحصل. تغيرت ظروف المعركة ومعطياتها، وتغيرت وجهات نظر كثيرين، حتى مقاربة الدول الكبرى إختلفت، أضحى الجهد منصباً بشكل أكبر على تدوير الزوايا للخروج بأقل الخسائر والدخول إلى تسوية قد لا ترضي كل الأطراف، لكنها على الأقل ترسم مشهد تعادل إيجابي على جثث 300 ألف سوري سقطوا في السنوات الخمس الماضية. حتى تدوير الزوايا على الطريقة الأميركية لم ترض به إيران، فكل تنازل سيلحقه تنازل وهكذا حتى ينتزع الثعلب من القنفذ كل الأشواك. فتح الدخول الروسي المباشر مجالاً لحوار من نوع آخر مع الأميركيين، فبعد أشهر من القصف ومن الإستعراض العسكري المقصود الذي تضمن ضرب صواريخ من بحر قزوين على أهداف لداعش في الرقة، تمكن الروس من تحقيق إنجازات ميدانية هامة بالتعاون مع الجيش السوري وإيران وحزب الله. قررت موسكو أن الوقت حان لبعض الكلام مع واشنطن. كان الكلام يتمحور بشكل رئيسي حول كيفية الخروج من الأزمة، لكن طهران قرأت فيه سعياً أميركياً لشراء الوقت للرئيس أو الرئيسة الأميركية القادمة وحصر النار في الداخل السوري مع الإبقاء على أسباب الصراع حاضرة. لم يطل الحوار الروسي الأميركي كثيراً حتى شعرت موسكو بسوريالية الموقف على حد ما أسرّ مسؤول روسي رفيع للميادين قبل أسبوعين مضيفاً إن روسيا تنظر بشكل سلبي للعلاقة التي تحكمها الكثير من التناقضات والإربكات في ظل إختلاف المنطق الذي تعبر عنه المستويات المختلفة في الإدارة الأميركية.مجدداً بدا الميدان موازياً لطاولات الحوار بالنسبة للروس، كان من المهم إعادة تفعيل التواصل مع طهران الحاضرة على الأرض بمستشاريها ومسؤوليها وحلفائها. في هذا الإطار يقول مسؤول إيراني إن ما حدث خلال الأسابيع الماضية يمكن البناء عليه "الهدنة كانت مناسبة للطرف الآخر للتسلح ولم تفد بأي شكل من الأشكال في تسهيل الوصول إلى حل، لذا فالجهد الرئيسي من الآن سينصب على ضرب الإرهاب أينما كان لأن الإرهاب ليس جزءاً من أي هدنة يجري الإتفاق عليها في سوريا". زار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو طهران ليجتمع هناك مع نظيريه السوري والإيراني. بدت الصورة إعلاناً واضحاً من الأطراف الثلاثة عن بدء مرحلة جديدة في التعاون الميداني "لمواجهة الإرهاب وتوفير الإستقرار والأمن للشعب السوري". لكن هذا لم يكن كل ما في الأمر.بعد القمة أعلنت إيران عن تعيين أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني منسقاً أعلى للسياسات العسكرية والأمنية بين الدول الثلاث. بدا الإعلان في توقيته وفي الشخصية المختارة للموقع رسالة إلى من يهمهم الأمر، أن سوريا بالنسبة لإيران لم تعد بعد هذه اللحظة قضية أمن إقليمي، إنما قضية أمن قومي، وأن أي قرار يتخذ حول الموقف من سوريا سيتخذ بناء على آليات إتخاذ المواقف من الأمور الداخلية الكبرى، وأن موقف إيران من هذه القضية تبدأ عملية صناعته من "بيت رهبرى"، مقر مرشد الثورة الإسلامية الإيرانية.الحدث - الميادين
التاريخ - 2016-06-21 8:54 PM المشاهدات 556
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا