اقتصاد حرب..ولكن!كما هو معروف أن الحالة الاقتصادية في سورية ازدادت سوءا بسبب حالة الدمار الكبير للمؤسسات الانتاجية والعامة والخاصة إضافة إلى خروج النفط ومحاصيل استراتيجية أخرى وخروج رؤوس الاموال من البلد مما سبب انكماش كبير في الناتج المحلي الإجمالي مما أدى إلى ارتفاع كبير في نسب الفقر والبطالة , في ظل هذه المعطيات نجد أن السياسات العامة الحكومية التي قدمت نفسها على أنها اقتصاد الحرب ,بينما السياسات الاقتصادية الفعلية لم تكن شاملة أو متكاملة بل كانت جهود مشتتة و ترقيعية, بشكل عام اقتصاد الحرب له مواصفات كثيرة : أولها التقشف وإعادة ترتيب الأولويات في البلد بحيث تعطى الاولوية للصناعات الحربية والمواد الغذائية والسلع والمشاريع التي تمكن الناس من الصمود والدولة من البقاء قادرة على الإنفاق بالحد الضروري , صحيح أن بعض القرارات والإجراءات الحكومية قد تحمل بعضا من صفات سياسات الحرب ولكن مازالت الكثير من القضايا الهامة جدا لم يتم معالجتها أو الاقتراب منها .. أخيرا , اقتصاد الحرب ليس فقط تقشف واحجام عن الإنفاق العام . بل لابد من إعادة هيكلة الإيرادات العامة للدولة و تأمين ايرادات إضافية لتمويل الإنفاق الضروري .أسباب عدم استقرار سعر الصرف تاريخيا تم ابتكار النقد لتسهيل عمليات تبادل السلع بين الناس أو ما سمي بالمقايضة , يعني شخص يملك السلعة Aوآخر يملك السلعةB ,, يقومان بتبادل السلعتين كل حسب حاجته وما تساويه سلعته بالنسبة للسلعة الأخرى , ثم تم ابتكار النقد لتسهيل عمليات التبادل فأصبح كل شخص يبيع أو يشتري يستخدم وسيطا موحدا متفقا عليه لتبادل السلع هو العملة , لذلك العملة ليست سلعة بحد ذاتها بل هي وسيلة للنبادل التجاري وحركة العملة لها علاقة وثيقة بإنتاج السلع والخدمات في أي بلد , أو ما يسمى بالناتج المحلي الإجمالي, كما أن حجم وقوة العملة تعبرعن حجم وقوة الناتج المحلي الإجمالي في البلد وبالتالي ما نشهده من عدم استقرار لسعر صرف العملة السورية له عدة أسباب : أهمها حالة الحرب وماسببته من تدهور لمعظم النشاطات الاقتصادية بالبلد وخروج الإيرادات النفطية وبعض السلع الاستراتيجية الوطنية مثل القمح وغيره خارج المعادلة الاقتصادية في سورية , إضافة إلى حالة من البطالة والفقر وصلت إلى نسب ومعدلات عالية وهذا من شأنه اضعاف الدورة الاقتصادية والتأثير سلبا على سعر الصرف , ثاني هذه العوامل اهتزاز الثقة بالعملة المحلية وإمكانية احتفاظها بقدرتها الشرائية لوقت طويل بسبب الحرب من جهة و بناء على ما شهده تراجع سعر صرف الدولار مقابل العملات الأجنبية , العامل الثالث لعدم استقرار سعر الليرة السورية هو المضاربات الكبيرة التي مارسها تجار الحروب بعضها بهدف جمع المال وبعضها لأسباب سياسية لتنضم إلى الجهود التي تبذل لزعزعة استقرار البلد سياسياً .بدائل لقرار رفع أسعار المحروقاتالقرارات الأخيرة التي رفعت أسعار المشتقات البترولية وشكلت عبئا إضافيا على المواطنين الذين يعانون الأمرين نتيجة للتضخم الشديد وارتفاع أسعار كل السلع والخدمات بما فيها الحكومية وتآكل قدراتهم الشرائية ,,,,والمبررلرفع المشتقات هو تأمين موارد إضافية للخزينة العامة للدولة ,,, أن تأمين موارد للخزينة العامة للدولة ضرورة قصوى وخصوصا في أوقات الحرب , ولكن يجب التفكير بالايرادات العامة للدولة بشكل متكامل وبشكل أكبر من مجرد تأمين مبلغ محدد من المشتقات البترولية ..وخصوصا أن المواطنين في حالة رفع الأسعار وتدني قدراتهم الشرائية سيحجمون عن ااستهلاك المشتقات البترولية ,مثلا : استعاض الكثير من أهالي الريف بالحطب بدلا عن المازوت نتيجة ارتفاع أسعاره, وبالتالي فقد لا يؤمن هذا الإجراء الكثير من الإيرادات للخزينة وأسوأ ما في القرار هو انعكاسه الارتدادي السلبي على الإنتاج المحلي وتدني قدرة المنتج السوري على المنافسة . اعتقد أنه من الضروري أن نقوم ببعض الإجراءات العميقة لإعادة هيكلة الإيرادات العامة للدولة نستطيع تلخيصها بأربع خطوات : الأولى : إعادة النظر بالنظام الضريبي والعمل على خلق موارد جديدة من خلاله مثلا ضريبة تجارة العقارات التي ألغيت عام 2004 وكذلك رسوم المغتربين وضريبة التركات وهي ضرائب موجودة في جميع دول العالم , ووضع المعالجات الصارمة لمكافحة التهرب الضريبي ,الخطوة الثانية : المؤسسات المملوكة للدولة أو القطاع العام (الصناعي والتجاري ) التي يمكن تشكل حاليا مصدرا كبيرا لهدر الأموال,ثالثا: تسييل نسبة صغيرة من ملكيات الدولة وهذا لا يؤثر على قوة الدولة وهيبتها , إن التأثير الكبير للدول تكون من قدرتها على تنفيذ القانون وتأمين الإنفاق الضروري لذلك . الخطوة الرابعة , نسهيل الإجراءات لإقامة الأعمال وفتح المجال أمام شرائح واسعة للاستفادة من التسهيلات القانونية والإجرائية بدلا أن تكون مقصورة على البعض ممن لهم وصول إلى الموظفين المعنيين و مراكز اتخاذ القرار , بالتأكيد هناك طرق كثيرة جدا لتعزيز الإيرادات العامة أسوأها على الإطلاق إضعاف القدرة الشرائية للناس .
التاريخ - 2016-07-14 11:20 PM المشاهدات 1086
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا